28-02-2010
إخوان أون لاين

- د. مجدي قرقر: يوم ممطر كشف فسادًا جديدًا للحزب الوطني
- د. علي السكري: تكاليف المخرات كبيرة لكن خسائرنا أكبر
- د. صلاح الجندي: إنشاء هيئة تواجه الكوارث وتستثمرها
- النائب يسري البيومي: الحكومة عاجزة عن تقديم أي حلول
- د. حسين شلبي: الأمطار تغرق الأراضي أو تجعلها جنة
تحقيق- الزهراء عامر وإيمان إسماعيل:
مئات حوادث الطرق، ومصرع وإصابة نحو 100 مواطن، تأخر 23 رحلة طيران لمدة ساعتين، وغلق صالة الأسواق الحرة لسقوط سقفها، الذهول والرعب يسيطران على القاهريين، وشلل بحركة مترو الأنفاق والطرق الرئيسية.. ما سبق غيض من فيض سببه سقوط أمطار مكثفة على دلتا مصر لساعات قليلة خلال الخميس الماضي.
الإهمال والفشل كانا العنوان الأبرز للأجهزة الحكومية خلال تعاملها مع الأمطار التي أغرقت الشوارع والمنازل، واحتجزت المواطنين في بيوتهم أو على جنبات الطرق، واختفت سيارات شفط المياه من طرق القاهرة الكبرى؛ ليلجأ العمال إلى الجرادل والمقشات لتفريغ المياه التي غمرت السيارات، ووصل ارتفاعها إلى متر في محطات مترو الأنفاق في غياب كامل لاختراع بسيط اسمه "البلاعة".
أغرب ما في الحدث أن موجة الأمطار لم تكن مفاجئة، بل حذرت منها هيئة الأرصاد الجوية قبل أيام، إلا أن الأجهزة الحكومية لم تتحرك لتفادي آثارها التي كانت أشد وبالاً على الأحياء الفقيرة وساكني العشوائيات، الذين أغرقت المياه منازلهم، ونشبت الحرائق في أحيائهم نتيجة البرق والأمطار، لتُخلِّف مئات المشردين وعشرات القتلى والجرحى.
ذلك المشهد آثار في الأذهان العديد من التساؤلات.. أسئلة بسيطة ومدهشة بحثت عن "بالوعات" شوارع القاهرة، وماذا تنتظر الحكومة لإنشائها؟!، ولماذا لا يأتي التحرك إلا بعد وقوع الكارثة؟!، وإلى متى ستستمر مهازل العشوائيات التي تهدد بفاجعة محققة ووشيكة؟!، وإذا كانت الأمطار نعمة فكيف تحولها حكوماتنا لنقمة نخشى وقوعها؟!.
يصف
الدكتور مجدي قرقر الأستاذ بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، وضع
مصر أثناء الأمطار "بالغريق في شبر ماء"، في إشارة إلى حالة الارتباك
التامة على جميع الأصعدة يوم الخميس الماضي.
ويقول: الأمطار عكست بوضوح وضع النظام المترهل أثناء الأزمات، وكشفت صورًا جديدة للفساد غير ما نعرفه من أنواع وأشكال خلال الأوقات العادية، ويضيف: تعطل مترو الأنفاق أبرزَ سوء إدارته وإهمال صيانته، وكشف شلل حركات مرور السيارات بالطرقات عن أهمية التخطيط الهندسي لشوارعنا التي تعاني من الانحدرات والارتفاعات.
ويستنكر قرقر غياب "بالوعات" صرف الأمطار من الشوارع؛ على الرغم من تكرار تلك الأزمة كل عام في التوقيت نفسه، موضحًا أنه حتى في حالة توافر "أماكن صرف المياه" فإنها تكون إما بها انسدادات لعدم صيانتها خلال فترة طويلة، أو غير مكتملة الإنشاء، وبالتالي غير صالحة ولا تؤدي الغرض التي أنشئت من أجله فتعمل على تفاقم المشكلة وليس حلها.
ويؤكد أن الكارثة سببها سوء إدارة المسئولين، مستشهدًا بمدينة الإسكندرية التي تواجه سيولاً حقيقية، إلا أنها تمكنت بإدارات فردية جيدة التغلب عليها، وإنشاء مخرات سيول بشكلها المناسب وفي أماكنها الصحيحة، فضلاً عن إنشاء "البالوعات" بمواصفتها الصحيحة على أبعاد مناسبة مع عرض الشارع، وحتى يتم تسريب المياه بالشكل اللازم ويجعل أي أزمة تمر بسلام.
ويلفت إلى أن نجاح فرق الكرة ناتج عن اهتمام الدولة وإنفاق الملايين، فيما يغيب الاهتمام بمشكلات الشوارع ومخرات السيول؛ ما يجعلنا عرضة باستمرار لكوارث الأمطار.
ويتهم قرقر الجهازَ الإداري للدولة بالتسبب في تفاقم الأزمة، وارتباك مصر في العديد من القطاعات؛ نتيجة فساده وإهدار المال العام فيما لا طائل منه، وعدم الإنفاق على مسببات الأزمات التي تخسر منها الدولة الملايين نتيجة الأعطال، فضلاً عن الخسائر المادية والبشرية.
ويوضح أن المشكلة الأكبر تكمن في إهمال الحكومة، وعدم تفكير مسئوليها في إصلاح منظومة الفساد المستشري بجنبات المجتمع، من تصميمات خاطئة للشوارع، وسوء صيانتها ومتابعتها، فضلاً عن التخطيط السيء لمواقع العديد من المنازل التي تم إنشاؤها على مخرات السيول، مشددًا على ضرورة الاستعداد الأمثل للتعامل مع مياه السيول؛ وذلك بإجراء صيانة دورية وفعالة لمخرات السيول الموجودة، بعدد 156 مخرًا للسيول في كافة محافظات مصر.
ويعلق
الدكتور علي السكري خبير الجيولوجيا قائلاً: إن الأمطار حتى لا تكون مضرة
بالأرض لا بد من توفير وديان ومخرات للسيول والأمطار؛ حتى ينفذ الماء من
خلالها، وحتى تسلك مسلكًا ومسارًا صحيحين؛ فتصب في مكانها المناسب.
ويشير إلى أن السيول نعمة وخير في كل بلاد العالم إلا في مصر، وطالب بسرعة بناء مجموعة من السدود في اتجاه الأمطار المعتاد؛ حتى يتم الاستفادة من كميات المياه المتدفقة في مشاريع استثمارية فيما بعد.
ويستطرد قائلاً: إن عملية الاستفادة من مياه الأمطار لا ننكر أنها ستكبد الدولة مبالغ طائلة، إلا أنها لن ترقى لمستوى الخسائر التي تحدث وقت هطولها، لافتًا إلى أن استثمار تلك المياه وفق خطة محكمة يتم متابعة تنفيذها سيؤدي حتمًا إلى نهضة في عدد من المجالات.
ويستشهد السكري بالرومان الذين حلوا المشكلة بأداوتهم البسيطة منذ آلاف السنين في الساحل الشمالي؛ بإعداد خطة محكمة استغرقت أعوامًا عديدة، إلا أنها كانت في النهاية سببًا لنهضتهم في كل المجالات؛ حيث قاموا خلالها بإنشاء مشاريع مختلفة من آبار جافة حتى تتساقط فيها السيول وتملأها وغيرها.
ويوضح أنه من المتعارف عليه في علم الجيولوجيا "إذا أردت أن تفسد أي شيء سلط عليه الماء بكم كبير حتى يتم إتلافه"، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار التي هبطت لعدم وجود أماكن صرف مباشر لها، من الطبيعي أن تؤثر على المدى البعيد على المياه الجوفية، وعلى التربة، ومن ثمًّ على أساسات المباني والتي تنذر بانهيارها على المدى البعيد؛ نظرًا لتآكل البنية التحتية لها.
ويشير إلى أن من أكثر المباني عُرضة للدمار والانهيار هي المباني التي صُنعت من صخور جيرية من الطوب اللبن؛ لأنها عندما تلتقي بماء المطر تعمل على ذوبانه تدريجيًّا، ومن ثمَّ انهيار المباني المقامة به، فضلاً عن أنه كلما زادت ارتفاعات المنزل عن 5 أدوار كلما حملت التربة ما لا تطيق، لتشكيلها ضغطًا عليها.
ويوضح أهمية إنشاء مثل تلك الهيئات مع تزايد احتمالات تعرضنا لتلك الأزمات، مشيرًا إلى أن كل ما نبذله من جهود لإنعاش الاقتصاد ومحاولات بناء المصانع والمنازل قد تدمرها الأمطار أو السيول في دقائق تضيع الوقت والجهد والمال.
وفيما يتعلق بحجم الخسائر يشير الجندي إلى أنه على الرغم من أن حجم الخسائر في تلك المرة كان أقل بكثير من السيول التي حدثت منذ أسابيع، إلا أنه إذا ما توافرت استعدادات واحتياطات بدائية لكان من الممكن تجنب حدوث أي خسائر.
ويلفت إلى أن مصر تفتقد الخبرة في مجال التعامل مع الكوارث الطبيعية، وأي أزمات مفاجئة، مطالبًا بالاستعانة بخبراء أجانب ونقل خبراتهم في التعامل مع تلك الأزمات، والاستفادة من كيفية اتخاذهم للاحتياطات المناسبة.
ويحذر
النائب يسري بيومي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب عن
لجنة الإسكان من وقوع كوارث خطيرة جراء الأمطار التي تهدد المباني مع
تشبعها بكميات كبيرة من مياه الأمطار؛ ما ينذر بحدوث تصدعات في أساساتها،
لا سيما وأن أغلب المباني في مصر قديمة وفقدت صلاحيتها، أو بُنيت من غير
تراخيص؛ مما ينذر بحدوث العديد من الكوارث على المدى البعيد.
ويستنكر أن معظم شوارع القاهرة لا يوجد بها "بالوعات" لصرف مياه الأمطار مباشرةً، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار تعمل على تسرب المياه إلى أسفل المباني؛ مما يعمل على تشبعها بالماء، ومن ثمَّ تآكل الخراسانات وحديد التسليح بها.
ويوضح أن الأمطار خلقت أزمة كبيرة على جميع الأصعدة، باستثناء قلة من المنازل التي بُنيت بخراسانات مسلحة، فلا تشكل الأمطار خطورة عليها؛ لأن مدة سقوطها لم تستغرق سوى يوم واحد.
ويضيف أن تلك الأمطار مع وضع العشوائيات الحالي، تنذر بكارثة محققة على كافة الأصعدة؛ نظرًا لعدم تماسك البنية التحتية لها، موضحًا أن تطويرها يتم من خلال اختيارات ثلاثة: إما أن يتم تطوير المكان نفسه من خلال الإحلال والإبدال، وإما أن يتم نقل سكانها إلى مناطق آخرى تمامًا، وإما أن يتم تطوير البنية التحتية لها.
ويوضح أن مبررات الحكومة في عدم استغلال السيول تعود إلى أننا دولة قليلة الأمطار؛ لتساقطها على فترات طويلة وبكميات ليست غزيرة، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار التي هبطت بغزارة يوم الخميس الماضي كان من الممكن الاستفادة منها، وإنشاء المشاريع التي تساعد على تخزينها من المسرات والمجرات، حتى يتم تعمير وزراعة الصحراء بها، خاصة أنها مياه عزبة ونقية.
ويضيف أن تلك الأمطار التي هبطت مؤخرًا على القاهرة تحولت إلى خسائر؛ نظرًا لعدم التخطيط لكيفية استغلالها والاستفادة منها، بالرغم من أنها موارد وكنوز يجب استثمارها، وليس تركها لتغرق الأراضي الزراعية التي تشربت كمًا من الماء فوق قدرتها؛ مما أدى إلى تشبعها بالماء وإتلافها محاصيلها الزراعية في الحال.
ويؤكد أن وسائل مصر لتصريف المياه في المجاري بدائية جدًا، وتزيد من تفاقم الكارثة؛ مما أدى إلى اختناق العديد من النباتات وغرقها، مشددًا على ضرورة توافر تصريف فوري للماء بطرق تكنولوجية متقدمة وعلى مسافات مناسبة.
إخوان أون لاين

- د. مجدي قرقر: يوم ممطر كشف فسادًا جديدًا للحزب الوطني
- د. علي السكري: تكاليف المخرات كبيرة لكن خسائرنا أكبر
- د. صلاح الجندي: إنشاء هيئة تواجه الكوارث وتستثمرها
- النائب يسري البيومي: الحكومة عاجزة عن تقديم أي حلول
- د. حسين شلبي: الأمطار تغرق الأراضي أو تجعلها جنة
تحقيق- الزهراء عامر وإيمان إسماعيل:
مئات حوادث الطرق، ومصرع وإصابة نحو 100 مواطن، تأخر 23 رحلة طيران لمدة ساعتين، وغلق صالة الأسواق الحرة لسقوط سقفها، الذهول والرعب يسيطران على القاهريين، وشلل بحركة مترو الأنفاق والطرق الرئيسية.. ما سبق غيض من فيض سببه سقوط أمطار مكثفة على دلتا مصر لساعات قليلة خلال الخميس الماضي.
الإهمال والفشل كانا العنوان الأبرز للأجهزة الحكومية خلال تعاملها مع الأمطار التي أغرقت الشوارع والمنازل، واحتجزت المواطنين في بيوتهم أو على جنبات الطرق، واختفت سيارات شفط المياه من طرق القاهرة الكبرى؛ ليلجأ العمال إلى الجرادل والمقشات لتفريغ المياه التي غمرت السيارات، ووصل ارتفاعها إلى متر في محطات مترو الأنفاق في غياب كامل لاختراع بسيط اسمه "البلاعة".
أغرب ما في الحدث أن موجة الأمطار لم تكن مفاجئة، بل حذرت منها هيئة الأرصاد الجوية قبل أيام، إلا أن الأجهزة الحكومية لم تتحرك لتفادي آثارها التي كانت أشد وبالاً على الأحياء الفقيرة وساكني العشوائيات، الذين أغرقت المياه منازلهم، ونشبت الحرائق في أحيائهم نتيجة البرق والأمطار، لتُخلِّف مئات المشردين وعشرات القتلى والجرحى.
ذلك المشهد آثار في الأذهان العديد من التساؤلات.. أسئلة بسيطة ومدهشة بحثت عن "بالوعات" شوارع القاهرة، وماذا تنتظر الحكومة لإنشائها؟!، ولماذا لا يأتي التحرك إلا بعد وقوع الكارثة؟!، وإلى متى ستستمر مهازل العشوائيات التي تهدد بفاجعة محققة ووشيكة؟!، وإذا كانت الأمطار نعمة فكيف تحولها حكوماتنا لنقمة نخشى وقوعها؟!.
فساد جديد
![]() |
د. مجدي قرقر
|
ويقول: الأمطار عكست بوضوح وضع النظام المترهل أثناء الأزمات، وكشفت صورًا جديدة للفساد غير ما نعرفه من أنواع وأشكال خلال الأوقات العادية، ويضيف: تعطل مترو الأنفاق أبرزَ سوء إدارته وإهمال صيانته، وكشف شلل حركات مرور السيارات بالطرقات عن أهمية التخطيط الهندسي لشوارعنا التي تعاني من الانحدرات والارتفاعات.
ويستنكر قرقر غياب "بالوعات" صرف الأمطار من الشوارع؛ على الرغم من تكرار تلك الأزمة كل عام في التوقيت نفسه، موضحًا أنه حتى في حالة توافر "أماكن صرف المياه" فإنها تكون إما بها انسدادات لعدم صيانتها خلال فترة طويلة، أو غير مكتملة الإنشاء، وبالتالي غير صالحة ولا تؤدي الغرض التي أنشئت من أجله فتعمل على تفاقم المشكلة وليس حلها.
ويؤكد أن الكارثة سببها سوء إدارة المسئولين، مستشهدًا بمدينة الإسكندرية التي تواجه سيولاً حقيقية، إلا أنها تمكنت بإدارات فردية جيدة التغلب عليها، وإنشاء مخرات سيول بشكلها المناسب وفي أماكنها الصحيحة، فضلاً عن إنشاء "البالوعات" بمواصفتها الصحيحة على أبعاد مناسبة مع عرض الشارع، وحتى يتم تسريب المياه بالشكل اللازم ويجعل أي أزمة تمر بسلام.
ويلفت إلى أن نجاح فرق الكرة ناتج عن اهتمام الدولة وإنفاق الملايين، فيما يغيب الاهتمام بمشكلات الشوارع ومخرات السيول؛ ما يجعلنا عرضة باستمرار لكوارث الأمطار.
ويتهم قرقر الجهازَ الإداري للدولة بالتسبب في تفاقم الأزمة، وارتباك مصر في العديد من القطاعات؛ نتيجة فساده وإهدار المال العام فيما لا طائل منه، وعدم الإنفاق على مسببات الأزمات التي تخسر منها الدولة الملايين نتيجة الأعطال، فضلاً عن الخسائر المادية والبشرية.
ويوضح أن المشكلة الأكبر تكمن في إهمال الحكومة، وعدم تفكير مسئوليها في إصلاح منظومة الفساد المستشري بجنبات المجتمع، من تصميمات خاطئة للشوارع، وسوء صيانتها ومتابعتها، فضلاً عن التخطيط السيء لمواقع العديد من المنازل التي تم إنشاؤها على مخرات السيول، مشددًا على ضرورة الاستعداد الأمثل للتعامل مع مياه السيول؛ وذلك بإجراء صيانة دورية وفعالة لمخرات السيول الموجودة، بعدد 156 مخرًا للسيول في كافة محافظات مصر.
انهيارات متوقعة
![]() |
السيول تسببت في خسائر فادحة
|
ويشير إلى أن السيول نعمة وخير في كل بلاد العالم إلا في مصر، وطالب بسرعة بناء مجموعة من السدود في اتجاه الأمطار المعتاد؛ حتى يتم الاستفادة من كميات المياه المتدفقة في مشاريع استثمارية فيما بعد.
ويستطرد قائلاً: إن عملية الاستفادة من مياه الأمطار لا ننكر أنها ستكبد الدولة مبالغ طائلة، إلا أنها لن ترقى لمستوى الخسائر التي تحدث وقت هطولها، لافتًا إلى أن استثمار تلك المياه وفق خطة محكمة يتم متابعة تنفيذها سيؤدي حتمًا إلى نهضة في عدد من المجالات.
ويستشهد السكري بالرومان الذين حلوا المشكلة بأداوتهم البسيطة منذ آلاف السنين في الساحل الشمالي؛ بإعداد خطة محكمة استغرقت أعوامًا عديدة، إلا أنها كانت في النهاية سببًا لنهضتهم في كل المجالات؛ حيث قاموا خلالها بإنشاء مشاريع مختلفة من آبار جافة حتى تتساقط فيها السيول وتملأها وغيرها.
ويوضح أنه من المتعارف عليه في علم الجيولوجيا "إذا أردت أن تفسد أي شيء سلط عليه الماء بكم كبير حتى يتم إتلافه"، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار التي هبطت لعدم وجود أماكن صرف مباشر لها، من الطبيعي أن تؤثر على المدى البعيد على المياه الجوفية، وعلى التربة، ومن ثمًّ على أساسات المباني والتي تنذر بانهيارها على المدى البعيد؛ نظرًا لتآكل البنية التحتية لها.
ويشير إلى أن من أكثر المباني عُرضة للدمار والانهيار هي المباني التي صُنعت من صخور جيرية من الطوب اللبن؛ لأنها عندما تلتقي بماء المطر تعمل على ذوبانه تدريجيًّا، ومن ثمَّ انهيار المباني المقامة به، فضلاً عن أنه كلما زادت ارتفاعات المنزل عن 5 أدوار كلما حملت التربة ما لا تطيق، لتشكيلها ضغطًا عليها.
خبرة أجنبية
ويشدد الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة على
ضرورة الإسراع في إنشاء هيئة مستقلة تكون مهمتها تجنب الكوارث والاستعداد
الدائم لتلافي أخطارها، مطالبًا بتوفير الدولة كافة المعدات والأجهزة
الخاصة بالتوقع والتنبؤ، ومختلف المعدات الحديثة، والكوادر البشرية المؤهلة
للتعامل مع تلك الأزمات والاستفادة منها.ويوضح أهمية إنشاء مثل تلك الهيئات مع تزايد احتمالات تعرضنا لتلك الأزمات، مشيرًا إلى أن كل ما نبذله من جهود لإنعاش الاقتصاد ومحاولات بناء المصانع والمنازل قد تدمرها الأمطار أو السيول في دقائق تضيع الوقت والجهد والمال.
وفيما يتعلق بحجم الخسائر يشير الجندي إلى أنه على الرغم من أن حجم الخسائر في تلك المرة كان أقل بكثير من السيول التي حدثت منذ أسابيع، إلا أنه إذا ما توافرت استعدادات واحتياطات بدائية لكان من الممكن تجنب حدوث أي خسائر.
ويلفت إلى أن مصر تفتقد الخبرة في مجال التعامل مع الكوارث الطبيعية، وأي أزمات مفاجئة، مطالبًا بالاستعانة بخبراء أجانب ونقل خبراتهم في التعامل مع تلك الأزمات، والاستفادة من كيفية اتخاذهم للاحتياطات المناسبة.
العشوائيات
![]() |
يسري بيومي
|
ويستنكر أن معظم شوارع القاهرة لا يوجد بها "بالوعات" لصرف مياه الأمطار مباشرةً، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار تعمل على تسرب المياه إلى أسفل المباني؛ مما يعمل على تشبعها بالماء، ومن ثمَّ تآكل الخراسانات وحديد التسليح بها.
ويوضح أن الأمطار خلقت أزمة كبيرة على جميع الأصعدة، باستثناء قلة من المنازل التي بُنيت بخراسانات مسلحة، فلا تشكل الأمطار خطورة عليها؛ لأن مدة سقوطها لم تستغرق سوى يوم واحد.
ويضيف أن تلك الأمطار مع وضع العشوائيات الحالي، تنذر بكارثة محققة على كافة الأصعدة؛ نظرًا لعدم تماسك البنية التحتية لها، موضحًا أن تطويرها يتم من خلال اختيارات ثلاثة: إما أن يتم تطوير المكان نفسه من خلال الإحلال والإبدال، وإما أن يتم نقل سكانها إلى مناطق آخرى تمامًا، وإما أن يتم تطوير البنية التحتية لها.
كنز مهدر!
وعلى الصعيد الزراعي يعلق الدكتور حسين شلبي أستاذ الاقتصاد
الزراعي قائلاً إن الأمطار والسيول غير مستغَلَة في مصر مطلقًا، على الرغم
من أن التخطيط لكيفية استغلالها بشكل أمثل سيعود على مصر بتوفير خيرات
كثيرة، وسيعمل على توفير العديد من الموارد المالية، والثروات المادية.ويوضح أن مبررات الحكومة في عدم استغلال السيول تعود إلى أننا دولة قليلة الأمطار؛ لتساقطها على فترات طويلة وبكميات ليست غزيرة، مشيرًا إلى أن تلك الأمطار التي هبطت بغزارة يوم الخميس الماضي كان من الممكن الاستفادة منها، وإنشاء المشاريع التي تساعد على تخزينها من المسرات والمجرات، حتى يتم تعمير وزراعة الصحراء بها، خاصة أنها مياه عزبة ونقية.
ويضيف أن تلك الأمطار التي هبطت مؤخرًا على القاهرة تحولت إلى خسائر؛ نظرًا لعدم التخطيط لكيفية استغلالها والاستفادة منها، بالرغم من أنها موارد وكنوز يجب استثمارها، وليس تركها لتغرق الأراضي الزراعية التي تشربت كمًا من الماء فوق قدرتها؛ مما أدى إلى تشبعها بالماء وإتلافها محاصيلها الزراعية في الحال.
ويؤكد أن وسائل مصر لتصريف المياه في المجاري بدائية جدًا، وتزيد من تفاقم الكارثة؛ مما أدى إلى اختناق العديد من النباتات وغرقها، مشددًا على ضرورة توافر تصريف فوري للماء بطرق تكنولوجية متقدمة وعلى مسافات مناسبة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق