في ظل التخريب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي على المستويين الداخلي والخارجي والذي عاشته مصر في سنوات مبارك الأخيرة وصلت فيه إلى حالة غير مسبوقة من التفكك داخليًا وخارجيًا حيث لم يحكم مبارك يوما واحدا بدون طوارئ وما واكب ذلك من اعتقالات وكبت للحريات وإجهاض حركات استقلال القضاء والجامعات وفرض الحراسة وتأميم النقابات المهنية وتزوير الانتخابات الطلابية والعمالية والمحلية وشطب للمرشحين وفصل للطلاب ونقل للعمال وتزوير انتخابات مجلسي الشعب والشورى إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وما تبعها من تفاقم لمشكلات البطالة والفقر والظلم الاجتماعي وتدهور البيئة وخدمات التعليم والعلاج وشيوع الفساد وتردي مصر في تبعية نظامها الرسمي للحلف الصهيوني الأمريكي وتراجع مكانتها إقليميا ودوليا. في ظل هذا التخريب جاءت تعديلات الدستور عام 2007 وكما قال المستشار طارق البشري وقتها وقبلها أن المطالبة بتعديل الدستور في هذا التوقيت مطالبة خاطئة لأن تعديل أو صياغة الدستور يعكس توازنات القوى والتي كانت في ذلك التوقيت مع استبداد الحاكم وضد مصالح الشعب ومن هنا جاءت تعديلات 2007 مخيبة للآمال وضد مصالح الشعب. وإذا كانت ثورة شعب مصر في 25 يناير 2011 والتي أذهلت العالم قد أزاحت كابوس الاستبداد والفساد إلا أنها أيضا قد قلبت موازين القوى لصالح هذا الشعب الباسل بما يتيح الفرصة لتعديل الدستور لصالحه خاصة وأن على رأس اللجنة المسئولة عن ذلك رمز وطني شريف وفقيه قانوني ودستوري متجرد بقامة المستشار طارق البشري ويساعده لجنة وطنية مخلصة في مقدمتها الأستاذ الدكتور عاطف البنا إلا أن القرار الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف اللجنة جاء مقيدا لها وحاصرا لمهمتها في ست مواد بما يمثل ترقيعا محكوما للثوب رغم كثرة الخروق واتساع الخرق على الراقع.
إننا بصدد انهيار نظام ساهم في انهياره دستور معيب عدل ليوافق هوى الحاكم وإذا كنا بصدد تأسيس نظام سياسي جديد فإن الأمر يتطلب تعديلات جوهرية وإلا تكرر ما حدث مرة أخرى وتسقط مصر في هوة ليس لها قرار.
إن الدستور بوضعه الحالي يؤكد مركزية الدولة بشكل كبير ويعطي سلطات لا محدودة لرئيس الجمهورية تفسد من يتولى هذا الموقع كما أنه بتعديلاته المعيبة يتنكر لمجتمع الكفاية والعدل وينهي ملكية الشعب للقطاع العام ويحدد شكلا معيبا لانتخابات المجالس التشريعية والمحلية.
قد يتعلل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بضيق الوقت وهذا مردود عليه لأن أساس الفترة الإنتقالية هو صياغة دستور جديد تقوم به لجنة تأسيسية منتخبة وإن لم يكن فتعديلات جوهرية تصل بمصر إلى بر الأمان ويمكن أن تتم هذه المهمة خلال شهر أو شهر ونصف على الأكثر.
*****
البداية بالعودة للمربع رقم واحد
لقد تم تعديل الدستور عام 2007 على غير إرادة الشعب ومن خلال مجلس شعب ذو أغلبية مزورة ومن هنا فإنه يلزم العودة للمربع رقم واحد بإلغاء تعديلات عام 2007 بموجب الشرعية الثورية لأن هذه التعديلات أكدت على:
• تبني الدولة لاقتصاد غير واضح المعالم يكرس الفساد والاحتكار والاستغلال دون أي مساءلة لهؤلاء المفسدين المتاجرين والمحتكرين لقوت ومصالح الشعب وعدم النص على ملامح واضحة للنظام الاقتصادي المصري بحجة المرونة في العدول عنه إذا دعت الضرورة وهو ما يؤكد بدقة توجه الدولة في تبني " اقتصاد سداح مداح " لتفتح الطريق أمام الرأس مالية الجديدة التي تسيطر على مفاصل الاقتصاد في مصر دون أي مراعاة للجانب الاجتماعي والإنساني لتغول رأس المال على الطبقات الكادحة والفقيرة في مصر ( مادة 4 )
• تصفية وبيع القطاع العام دون الرجوع للشعب مالكه الحقيقي ( مادة 24 - 30 - 33)
• تخلي الدولة عن دورها في تحقيق الكفاية والعدل الاجتماعي لجميع أبناء الأمة وبما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول (مادة 37)
• الخروج من مأزق عدم تعيين نائب رئيس للجمهورية لما يقرب من ربع قرن بتعديل المادتين 82 & 84 بإنابة رئيس مجلس الوزراء بدلا من نائب رئيس الجمهورية وهو ما يتعارض مع طبيعة الصلاحيات المقررة لرئيس الجمهورية ونائبه وتلك المقررة لرئيس مجلس الوزراء
• تكريس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية
• تعديل المادة 136 بإعطاء الحق لرئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب بلا ضرورة وبدون إجراء استفتاء شعبي بما يمثل انتهاكا صريحا لحق الشعب في اختيار ممثليه وهو افتئات غير مسبوق على السلطة التشريعية
• إعطاء صلاحيات تنفيذية صورية لرئيس مجلس الوزراء في حين ظل تعيينه وإقالته حق لرئيس الجمهورية دون أية ضوابط أو قيود
• تحصين بعض القوانين أو الإجراءات – غير الدستورية – بتعديل المواد التي استندت إليها المحكمة الدستورية في أحكامها السابقة أو التي استندت إليها القضايا التي رفعت أمامها بخصوص عدم دستورية بعض القوانين أو الإجراءات ( تحديد نسب للمرأة بمجلس الشعب – بيع القطاع العام ) ( مادة 24 - 30 - 33)
• تبني نظام انتخابي يستبعد المستقلين والقوى السياسية الحقيقية غير الممكنة من تأسيس أحزاب لها – والذين يشكلون خطورة على الحزب الحاكم في الانتخابات - بما يضمن استمرار سيطرة الحزب الحاكم على المجالس التشريعية وبذلك يتم توظيف الدستور والتلاعب به في الصراع السياسي في حين أن الدستور هو المظلة التي يحتكم إليها الجميع
• إقصاء السلطة القضائية عن العملية الانتخابية بطرح المادة 88 للتعديل رغم مشاهد التزوير ومخالفات حكومة الحزب الحاكم الجسيمة وتدخلات أجهزته الأمنية الصارخة في جميع الانتخابات الماضية لتسهيل وضمان تزوير جميع الانتخابات القادمة وبما يمثل انقلابا دستوريا على مبدأ تداول السلطة
• إعطاء صلاحيات تنفيذية ورقابية ودعم اللامركزية في أداء الإدارة المحلية في ظل قوانين انتخابية معيبة وبدون إشراف قضائي يعني تمكين لكوادر الحزب الحاكم في الهيمنة على المجالس المحلية والإدارة المحلية والتي بلغ الفساد فيها حدا لا يوصف
• تبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب ليكون بديلا لتطبيق قانون الطواريء يهدف إلى تقنين حالة طوارئ مستمرة تستظل بها البلاد وكأن ربع قرن طوارئ لم تعد كافية فيتم تأبيدها بموجب الدستور والقانون متناسين أن مصر لديها قانون متشدد بالفعل للإرهاب وهو القانون 97 لسنة 92 .. وأن الزعم بأن مصر تفعل مثل باقي دول العالم هو زعم مغلوط لأننا لم نر دولة في العالم غيرت دستورها لعمل قانون للإرهاب وأن الزعم بأن مصر تفعل مثل باقي دول العالم هو زعم مغلوط لأننا لم نر دولة في العالم غيرت دستورها لعمل قانون للإرهاب (مادة 179)
ورغم أن القرار الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف اللجنة جاء مقيدا لها وحاصرا لمهمتها في ست مواد بما يمثل ترقيعا محكوما للثوب إلا أن ثقتنا في اللجنة الموقرة برئاسة المستشار طارق البشري تطمئننا أنها ستصل إلى أفضل صيغة ممكنة للوصول لتحقيق مناخ سياسي صحيح لانتخاب رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات تشريعية تفرز مجلسا مؤهلا لعمل تعديلات جوهرية في الدستور أو تمكن من الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد يعكس توازنات القوى الجديدة التي شكلتها ثورة 25 يناير 2011 لصالح شعب مصر الأبي وليكن هذا حديثنا في مقالنا القادم
إننا بصدد انهيار نظام ساهم في انهياره دستور معيب عدل ليوافق هوى الحاكم وإذا كنا بصدد تأسيس نظام سياسي جديد فإن الأمر يتطلب تعديلات جوهرية وإلا تكرر ما حدث مرة أخرى وتسقط مصر في هوة ليس لها قرار.
إن الدستور بوضعه الحالي يؤكد مركزية الدولة بشكل كبير ويعطي سلطات لا محدودة لرئيس الجمهورية تفسد من يتولى هذا الموقع كما أنه بتعديلاته المعيبة يتنكر لمجتمع الكفاية والعدل وينهي ملكية الشعب للقطاع العام ويحدد شكلا معيبا لانتخابات المجالس التشريعية والمحلية.
قد يتعلل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بضيق الوقت وهذا مردود عليه لأن أساس الفترة الإنتقالية هو صياغة دستور جديد تقوم به لجنة تأسيسية منتخبة وإن لم يكن فتعديلات جوهرية تصل بمصر إلى بر الأمان ويمكن أن تتم هذه المهمة خلال شهر أو شهر ونصف على الأكثر.
*****
البداية بالعودة للمربع رقم واحد
لقد تم تعديل الدستور عام 2007 على غير إرادة الشعب ومن خلال مجلس شعب ذو أغلبية مزورة ومن هنا فإنه يلزم العودة للمربع رقم واحد بإلغاء تعديلات عام 2007 بموجب الشرعية الثورية لأن هذه التعديلات أكدت على:
• تبني الدولة لاقتصاد غير واضح المعالم يكرس الفساد والاحتكار والاستغلال دون أي مساءلة لهؤلاء المفسدين المتاجرين والمحتكرين لقوت ومصالح الشعب وعدم النص على ملامح واضحة للنظام الاقتصادي المصري بحجة المرونة في العدول عنه إذا دعت الضرورة وهو ما يؤكد بدقة توجه الدولة في تبني " اقتصاد سداح مداح " لتفتح الطريق أمام الرأس مالية الجديدة التي تسيطر على مفاصل الاقتصاد في مصر دون أي مراعاة للجانب الاجتماعي والإنساني لتغول رأس المال على الطبقات الكادحة والفقيرة في مصر ( مادة 4 )
• تصفية وبيع القطاع العام دون الرجوع للشعب مالكه الحقيقي ( مادة 24 - 30 - 33)
• تخلي الدولة عن دورها في تحقيق الكفاية والعدل الاجتماعي لجميع أبناء الأمة وبما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول (مادة 37)
• الخروج من مأزق عدم تعيين نائب رئيس للجمهورية لما يقرب من ربع قرن بتعديل المادتين 82 & 84 بإنابة رئيس مجلس الوزراء بدلا من نائب رئيس الجمهورية وهو ما يتعارض مع طبيعة الصلاحيات المقررة لرئيس الجمهورية ونائبه وتلك المقررة لرئيس مجلس الوزراء
• تكريس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية
• تعديل المادة 136 بإعطاء الحق لرئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب بلا ضرورة وبدون إجراء استفتاء شعبي بما يمثل انتهاكا صريحا لحق الشعب في اختيار ممثليه وهو افتئات غير مسبوق على السلطة التشريعية
• إعطاء صلاحيات تنفيذية صورية لرئيس مجلس الوزراء في حين ظل تعيينه وإقالته حق لرئيس الجمهورية دون أية ضوابط أو قيود
• تحصين بعض القوانين أو الإجراءات – غير الدستورية – بتعديل المواد التي استندت إليها المحكمة الدستورية في أحكامها السابقة أو التي استندت إليها القضايا التي رفعت أمامها بخصوص عدم دستورية بعض القوانين أو الإجراءات ( تحديد نسب للمرأة بمجلس الشعب – بيع القطاع العام ) ( مادة 24 - 30 - 33)
• تبني نظام انتخابي يستبعد المستقلين والقوى السياسية الحقيقية غير الممكنة من تأسيس أحزاب لها – والذين يشكلون خطورة على الحزب الحاكم في الانتخابات - بما يضمن استمرار سيطرة الحزب الحاكم على المجالس التشريعية وبذلك يتم توظيف الدستور والتلاعب به في الصراع السياسي في حين أن الدستور هو المظلة التي يحتكم إليها الجميع
• إقصاء السلطة القضائية عن العملية الانتخابية بطرح المادة 88 للتعديل رغم مشاهد التزوير ومخالفات حكومة الحزب الحاكم الجسيمة وتدخلات أجهزته الأمنية الصارخة في جميع الانتخابات الماضية لتسهيل وضمان تزوير جميع الانتخابات القادمة وبما يمثل انقلابا دستوريا على مبدأ تداول السلطة
• إعطاء صلاحيات تنفيذية ورقابية ودعم اللامركزية في أداء الإدارة المحلية في ظل قوانين انتخابية معيبة وبدون إشراف قضائي يعني تمكين لكوادر الحزب الحاكم في الهيمنة على المجالس المحلية والإدارة المحلية والتي بلغ الفساد فيها حدا لا يوصف
• تبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب ليكون بديلا لتطبيق قانون الطواريء يهدف إلى تقنين حالة طوارئ مستمرة تستظل بها البلاد وكأن ربع قرن طوارئ لم تعد كافية فيتم تأبيدها بموجب الدستور والقانون متناسين أن مصر لديها قانون متشدد بالفعل للإرهاب وهو القانون 97 لسنة 92 .. وأن الزعم بأن مصر تفعل مثل باقي دول العالم هو زعم مغلوط لأننا لم نر دولة في العالم غيرت دستورها لعمل قانون للإرهاب وأن الزعم بأن مصر تفعل مثل باقي دول العالم هو زعم مغلوط لأننا لم نر دولة في العالم غيرت دستورها لعمل قانون للإرهاب (مادة 179)
ورغم أن القرار الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف اللجنة جاء مقيدا لها وحاصرا لمهمتها في ست مواد بما يمثل ترقيعا محكوما للثوب إلا أن ثقتنا في اللجنة الموقرة برئاسة المستشار طارق البشري تطمئننا أنها ستصل إلى أفضل صيغة ممكنة للوصول لتحقيق مناخ سياسي صحيح لانتخاب رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات تشريعية تفرز مجلسا مؤهلا لعمل تعديلات جوهرية في الدستور أو تمكن من الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد يعكس توازنات القوى الجديدة التي شكلتها ثورة 25 يناير 2011 لصالح شعب مصر الأبي وليكن هذا حديثنا في مقالنا القادم
0 التعليقات:
إرسال تعليق