- د. البلتاجي: بدعة سياسية هدفها توصيل رجال الأعمال إلى المجلس
- د. دراج: إرضاء الراغبين في دخول البرلمان بتزوير الحزب
- د. قرقر: منافسة بين مرشحي الوطني في التزوير وشراء الذمم
- د. عمرو ربيع: الحزب تجنَّب الانشقاقات ووقع في فخِّ الانتخابات
تحقيق: أحمد الجندي
إخوان أون لاين
09/11/2010
في إجراء غريب ومريب أعلن الحزب الوطني أسماء مرشحيه لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة بترشيح أكثر من مرشح على نفس المقعد في العديد من الدوائر، وهي سابقة لم يفعلها أي حزب سياسي في العالم من قبل، وهو ما فتح باب التكهُّنات حول أسباب اتجاه الحزب الوطني هذا الاتجاه، وما إذا كانت هناك علاقة بين هذه الترشيحات والصراع الحزبي المستمر بين قيادات الحرس القديم والحرس الجديد داخل الحزب الوطني؟ وعلاقتها بالانشقاقات المستمرة في صفوف الحزب، وكذلك آثار هذه الترشيحات على الحزب الوطني والعملية الانتخابية بصفة عامة، وهل يؤكد ذلك أن الحزب الوطني قد عزم على تزوير الانتخابات؟! (إخوان أون لاين) يجيب عن هذه التساؤلات:
إرضاء المرشحين
يقول الدكتور أحمد دراج، الأستاذ بجامعة الفيوم وعضو الجمعية الوطنية للتغيير، إن ترشيح الحزب الوطني أكثر من مرشح على مقعد واحد في معظم الدوائر الانتخابية؛ ما هو إلا محاولة لإرضاء عدد كبير من الراغبين في الفوز بالمقعد البرلماني عن طريق تزوير الحزب الوطني.
الصورة غير متاحة
د. أحمد دراج
ويوضح أن هذه الإرضاءات للمرشحين تعبِّر عن احتمالين؛ الأول: هو أن هناك قوائم جاهزةً بأسماء المرشحين الفائزين بمقاعد البرلمان، ومعروفٌ لديهم مسبقًا من سيفوز ومن سيسقط في الانتخابات، وهو الاحتمال الأقوى، والاحتمال الثاني أن الحزب يريد ألا يكرر فضيحة الحصول على 30% من مقاعد البرلمان كما حدث في انتخابات 2005م، ويكون في حاجة إلى ضمِّ المستقلين لتحقيق الأغلبية المريحة التي يريدها، فهو يدفع بأكثر من مرشح، ومن يحصل على أصوات أعلى في ظل التزوير ويفوز بالمقعد فيكون تابعًا للحزب.
ويضيف أن ترشيحات الحزب الوطني لأكثر من مرشح على نفس المقعد من شأنه أن يشعل الصراعات بين أعضاء الحزب الوطني، وانتشار أعمال العنف في الانتخابات القادمة، والتي سيكون الخاسر الوحيد فيها هو الشعب المصري، موضحًا أن كل مرشحي الحزب الوطني سيدخلون في صراعات على النهب من وراء الفوز بكرسي البرلمان، مستخدمين كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول على الكرسي.
المنافسة في التزوير
الصورة غير متاحة
د. مجدي قرقر
ويرى الدكتور مجدي قرقر، الأمين المساعد لحزب العمل، أن ترشيح الحزب الوطني أكثر من مرشح على نفس المقعد جاء لأن الحزب كان في مأزق كبير لتعارض ترشيحات أصحاب المصالح داخل الحزب في نفس الدائرة، وبالتالي كان عليه أن يفاضل بينهم من خلال المجمع الانتخابي، والذي لم تُرضِ نتيجته أغلب المرشحين، فأعلن الحزب ترشيح أكثر من مرشح بحجة تركهم للجماهير ليفاضلوا بينهم.
ويوضح أن الواقع خلاف ذلك تمامًا، فلم يترك الحزب المرشحين للجماهير، وإنما ترك المرشحين ليتنافسوا في التزوير وشراء الذمم وشراء الأصوات؛ ليغتصب المقعد من هو أكثر قدرةً على التزوير، فهي منافسة بين من يبحثون عن مصالحهم الشخصية من خلال كرسي مجلس الشعب.
وعن كون ترشيح أكثر من مرشح على نفس المقعد خطوةً من الحزب الوطني لتفتيت الأصوات أمام مرشحي المعارضة، يقول قرقر إن الواقع عكس ذلك تمامًا، فلو أراد الحزب الوطني أن يفتِّت الأصوات لأتى بمرشحين من خارج الحزب الوطني؛ لأنهم بذلك يفتِّتون الأصوات أمام بعضهم بعضًا، موضحًا أن الحزب لن يرشِّح أكثر من مرشح في الدوائر التي فيها معارضة قوية، وإلا سيكون ذلك نوعًا من السفَه؛ لأن هذا سيصب في مصلحة مرشحي المعارضة.
ويضيف أن الحزب الوطني لجأ إلى هذا الحل خوفًا من استقالة بعض المرشحين وأتباعهم من الحزب الوطني إذا اختار الحزب أحدهما على حساب الآخر، وهو ما يعني تدمير البنيان التنظيمي للحزب، فما سيحدث من صراعات بين مرشحي الحزب في الدوائر سيكون بعيدًا عن قيادات الحزب، ومن ثم ضرر هذه الصراعات سيكون أخفَّ وطأةً من ضرر الخلاف مع قيادات الحزب، وما سيتبعها من انشقاقات.
احتكار سياسي
الصورة غير متاحة
د. أيمن نور
ويقول الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد، إن ترشيحات الوطني لأكثر من مرشح على مقعد واحد في أغلب الدوائر يعكس منطق الاحتكار الذي يتعامل به الحزب الوطني، فهو يريد المرشحين والمرشحين المنافسين لهم، مضيفًا أنها ظاهرة غريبة على الحياة السياسية والحزبية لم يسمع أحد بها من قبل.
ويضيف أن ترشيحات الحزب تكشف حقيقة الحزب الوطني، وأنه لا وجود لشيء يسمَّى الحزب الوطني في الحياة الحزبية والسياسية في مصر، ولكنه كيان لديه رغبة في امتلاك كل شيء.
ويفترض جدلاً أنه ستكون هناك انتخابات نزيهة، وأن هذا الحزب له برنامج انتخابي مطروح، وله جمهور في الشارع المصري يريد أن يصوِّت لصالح هذا الحزب في الانتخابات، فمن سينتخب من مرشحي الحزب؟، موضحًا أن هذا المنطق الذي يتعامل به الحزب الوطني منطق مريض؛ لأنه سيصيب جمهوره بالحيرة في اختيار المرشحين.
ويؤكد أن منطق الحزب الوطني هذا ينمُّ عن أنه لا يوجد حزب أصلاً، وأنه لن تكون هناك انتخابات، وإنما سيُجري الحزب الوطني مسرحيةً هزليةً، وليس انتخابات حقيقية يطرح فيها كلٌّ رؤيته وبرنامجه.
وحول تأثير الصراعات بين أجيال الحزب الوطني من قيادات الحرس القديم والجديد يقول إنه من الممكن أن تكون هذه الترشيحات نوعًا من الترضية لقيادات الحزب وأتباعهم، فكل جيل له أتباعه من أعضاء الحزب الذي يريد أن يوصلهم إلى البرلمان لتعزيز نفوذه وفرض سيطرته، فكان الازدواج في الترشيحات لتجنب حدوث انشقاقات جديدة داخل الحزب.
خسائر مؤجلة
الصورة غير متاحة
د. عمرو هاشم ربيع
ويستنكر الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير في الشئون البرلمانية، ترشيحات الحزب الوطني أكثر من مرشح على مقعد واحد، متسائلاً: "كيف يضع الحزب الوطني منافسين لمرشحيه؟"، موضحًا أن قيادات الحزب ينظرون تحت أقدامهم فقط ولا توجد لديهم نظرة مستقبليه لنتائج هذه الخطوة.
ويضيف أنهم يريدون إرضاء أعضاء الحزب الوطني لمنع الانشقاقات ولترضيه قيادات الحزب من الحرس الجديد والقديم، وهو هدفٌ حاليٌّ في ظاهرة المكسب، ولكن في النهاية الهدف المؤجَّل ستكون نتيجته خسارة الحزب الوطني، وسيؤثر سلبًا في عملية الاقتراع في حال إجرائها بنزاهة وشفافية.
ويستطرد أن الحزب بترشيحاته هذه قد أعطى للمعارضة فرصةً ذهبيةً في مواجهة الحزب الوطني في حال توحُّد قوى المعارضة واجتماعها على قلب رجل واحد، وتمَّ التنسيق بينهم في الترشيح والدعاية، وأخلوا الدوائر أمام بعضهم، واستغلوا المنافسة بين مرشحي الحزب الوطني، ولكنَّ المعارضة في مصر "خايبانة" على حد تعبيره، ولا يوجد في مصر أحزاب معارضة، لأن كل واحد بيقول "يللا نفسي" ويلهث بعضهم وراء منح وعطايا الحزب الوطني الذي وعدهم بفتات مقاعد البرلمان.
ويقول إن الحزب الوطني هدم المجمعات الانتخابية واستطلاعات الرأي التي أجراها بهذه الترشيحات، موضحًا أن الكثير صدَّق المجمعات وأعضاء الحزب أيضًا صدَّقوا أنفسهم، ولكن ما حدث أثبت كذبهم على الناس وعلى أنفسهم، وهدم الديكور الذي حاولوا تشكيله في الفترة الماضية.
الصورة غير متاحة
د. محمد البلتاجي
ويرى الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين ومرشح الفئات في دائرة شبرا، أن ترشيحات الحزب الوطني تعبِّر عن محاولة الحزب حلَّ مشكلة الصراع بين القوى المتنافسة في الحزب، والتي لكل منها أتباعها الذين يقفون وراءها ويساندونها، فهي عمل ليس له أهداف سياسية بقدر ما هو محاولة لمنع التصدُّع والانشقاق داخل الحزب.
ويضيف أن هذا الحل يتعارض مع مفهوم العمل السياسي الحزبي، قائلاً: "لم نسمع في العالم أو التاريخ أن حزبًا يرشِّح أكثر من مرشح على مقعد واحد في نفس الدائرة، مؤكدًا أن الحزب الوطني ليس حزبًا سياسيًّا يعمل في مجال العمل السياسي والحزبي، وإنما هو تجمُّعٌ لرجال الأعمال يسعى للسيطرة على السلطة بكل الوسائل، وهذه الترشيحات تعدُّ نوعًا من البلطجة السياسية من الحزب الذي يقول لمرشحيه: "انزلوا كلكم واللي ينجح يبقى بتاعي".
ويوضح أن الحزب كان يفعل ذلك من قبل من خلال ترشيح مرشح باسم الحزب، وآخرين من المستقلين يتم ضمُّهم إلى الحزب حال فوزهم في الانتخابات، أما أن يعلن بصورة رسمية أكثر من مرشح فهذا الأمر يعد بدعةً في عالم السياسة، ويؤكد أن المسألة ليست برنامجًا سياسيًّا بقدر ما هي آلية لوصول رجال الأعمال إلى المقاعد ولا علاقة لهم بالعمل الحزبي السياسي.
ويرى أن نتائج هذه الترشيحات سوف تكون عكسيةً على الحزب الوطني ومرشحيه، وستفجر العديد من الصراعات بين مرشحي الحزب الوطني المتنافسين على مقاعد مجلس الشعب، موضحًا أن الحزب الوطني يتصوَّر أن هؤلاء المرشحين سيتنافسون في الإطاحة بمشرح المعارضة، لكن لطبيعة التنافس الشخصي بين مرشحي الحزب ستكون المنافسة الأشرس بينهم، وستشهد العملية الانتخابية ممارسات أكثر سوءًا من بلطجة وتطاحن وشراء أصوات.
ويضيف أن دائرة الحزب الوطني، ودوائر اللجان الحزبية، والدوائر التنفيذية التي ترغم على التصويت لصالح مرشحي الحزب الوطني وحتى الدوائر التي ُتشترى أصواتها؛ هي دائرة واحدة سيكون التنافس عليها شديدًا بين مرشحي الحزب الوطني المتنافسين، وستقسم هذه الأصوات على أكثر من مرشح وسينقلب سحرهم على أنفسهم.
[StumbleUpon]
- د. دراج: إرضاء الراغبين في دخول البرلمان بتزوير الحزب
- د. قرقر: منافسة بين مرشحي الوطني في التزوير وشراء الذمم
- د. عمرو ربيع: الحزب تجنَّب الانشقاقات ووقع في فخِّ الانتخابات
تحقيق: أحمد الجندي
إخوان أون لاين
09/11/2010
في إجراء غريب ومريب أعلن الحزب الوطني أسماء مرشحيه لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة بترشيح أكثر من مرشح على نفس المقعد في العديد من الدوائر، وهي سابقة لم يفعلها أي حزب سياسي في العالم من قبل، وهو ما فتح باب التكهُّنات حول أسباب اتجاه الحزب الوطني هذا الاتجاه، وما إذا كانت هناك علاقة بين هذه الترشيحات والصراع الحزبي المستمر بين قيادات الحرس القديم والحرس الجديد داخل الحزب الوطني؟ وعلاقتها بالانشقاقات المستمرة في صفوف الحزب، وكذلك آثار هذه الترشيحات على الحزب الوطني والعملية الانتخابية بصفة عامة، وهل يؤكد ذلك أن الحزب الوطني قد عزم على تزوير الانتخابات؟! (إخوان أون لاين) يجيب عن هذه التساؤلات:
إرضاء المرشحين
يقول الدكتور أحمد دراج، الأستاذ بجامعة الفيوم وعضو الجمعية الوطنية للتغيير، إن ترشيح الحزب الوطني أكثر من مرشح على مقعد واحد في معظم الدوائر الانتخابية؛ ما هو إلا محاولة لإرضاء عدد كبير من الراغبين في الفوز بالمقعد البرلماني عن طريق تزوير الحزب الوطني.
الصورة غير متاحة
د. أحمد دراج
ويوضح أن هذه الإرضاءات للمرشحين تعبِّر عن احتمالين؛ الأول: هو أن هناك قوائم جاهزةً بأسماء المرشحين الفائزين بمقاعد البرلمان، ومعروفٌ لديهم مسبقًا من سيفوز ومن سيسقط في الانتخابات، وهو الاحتمال الأقوى، والاحتمال الثاني أن الحزب يريد ألا يكرر فضيحة الحصول على 30% من مقاعد البرلمان كما حدث في انتخابات 2005م، ويكون في حاجة إلى ضمِّ المستقلين لتحقيق الأغلبية المريحة التي يريدها، فهو يدفع بأكثر من مرشح، ومن يحصل على أصوات أعلى في ظل التزوير ويفوز بالمقعد فيكون تابعًا للحزب.
ويضيف أن ترشيحات الحزب الوطني لأكثر من مرشح على نفس المقعد من شأنه أن يشعل الصراعات بين أعضاء الحزب الوطني، وانتشار أعمال العنف في الانتخابات القادمة، والتي سيكون الخاسر الوحيد فيها هو الشعب المصري، موضحًا أن كل مرشحي الحزب الوطني سيدخلون في صراعات على النهب من وراء الفوز بكرسي البرلمان، مستخدمين كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول على الكرسي.
المنافسة في التزوير
الصورة غير متاحة
د. مجدي قرقر
ويرى الدكتور مجدي قرقر، الأمين المساعد لحزب العمل، أن ترشيح الحزب الوطني أكثر من مرشح على نفس المقعد جاء لأن الحزب كان في مأزق كبير لتعارض ترشيحات أصحاب المصالح داخل الحزب في نفس الدائرة، وبالتالي كان عليه أن يفاضل بينهم من خلال المجمع الانتخابي، والذي لم تُرضِ نتيجته أغلب المرشحين، فأعلن الحزب ترشيح أكثر من مرشح بحجة تركهم للجماهير ليفاضلوا بينهم.
ويوضح أن الواقع خلاف ذلك تمامًا، فلم يترك الحزب المرشحين للجماهير، وإنما ترك المرشحين ليتنافسوا في التزوير وشراء الذمم وشراء الأصوات؛ ليغتصب المقعد من هو أكثر قدرةً على التزوير، فهي منافسة بين من يبحثون عن مصالحهم الشخصية من خلال كرسي مجلس الشعب.
وعن كون ترشيح أكثر من مرشح على نفس المقعد خطوةً من الحزب الوطني لتفتيت الأصوات أمام مرشحي المعارضة، يقول قرقر إن الواقع عكس ذلك تمامًا، فلو أراد الحزب الوطني أن يفتِّت الأصوات لأتى بمرشحين من خارج الحزب الوطني؛ لأنهم بذلك يفتِّتون الأصوات أمام بعضهم بعضًا، موضحًا أن الحزب لن يرشِّح أكثر من مرشح في الدوائر التي فيها معارضة قوية، وإلا سيكون ذلك نوعًا من السفَه؛ لأن هذا سيصب في مصلحة مرشحي المعارضة.
ويضيف أن الحزب الوطني لجأ إلى هذا الحل خوفًا من استقالة بعض المرشحين وأتباعهم من الحزب الوطني إذا اختار الحزب أحدهما على حساب الآخر، وهو ما يعني تدمير البنيان التنظيمي للحزب، فما سيحدث من صراعات بين مرشحي الحزب في الدوائر سيكون بعيدًا عن قيادات الحزب، ومن ثم ضرر هذه الصراعات سيكون أخفَّ وطأةً من ضرر الخلاف مع قيادات الحزب، وما سيتبعها من انشقاقات.
احتكار سياسي
الصورة غير متاحة
د. أيمن نور
ويقول الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد، إن ترشيحات الوطني لأكثر من مرشح على مقعد واحد في أغلب الدوائر يعكس منطق الاحتكار الذي يتعامل به الحزب الوطني، فهو يريد المرشحين والمرشحين المنافسين لهم، مضيفًا أنها ظاهرة غريبة على الحياة السياسية والحزبية لم يسمع أحد بها من قبل.
ويضيف أن ترشيحات الحزب تكشف حقيقة الحزب الوطني، وأنه لا وجود لشيء يسمَّى الحزب الوطني في الحياة الحزبية والسياسية في مصر، ولكنه كيان لديه رغبة في امتلاك كل شيء.
ويفترض جدلاً أنه ستكون هناك انتخابات نزيهة، وأن هذا الحزب له برنامج انتخابي مطروح، وله جمهور في الشارع المصري يريد أن يصوِّت لصالح هذا الحزب في الانتخابات، فمن سينتخب من مرشحي الحزب؟، موضحًا أن هذا المنطق الذي يتعامل به الحزب الوطني منطق مريض؛ لأنه سيصيب جمهوره بالحيرة في اختيار المرشحين.
ويؤكد أن منطق الحزب الوطني هذا ينمُّ عن أنه لا يوجد حزب أصلاً، وأنه لن تكون هناك انتخابات، وإنما سيُجري الحزب الوطني مسرحيةً هزليةً، وليس انتخابات حقيقية يطرح فيها كلٌّ رؤيته وبرنامجه.
وحول تأثير الصراعات بين أجيال الحزب الوطني من قيادات الحرس القديم والجديد يقول إنه من الممكن أن تكون هذه الترشيحات نوعًا من الترضية لقيادات الحزب وأتباعهم، فكل جيل له أتباعه من أعضاء الحزب الذي يريد أن يوصلهم إلى البرلمان لتعزيز نفوذه وفرض سيطرته، فكان الازدواج في الترشيحات لتجنب حدوث انشقاقات جديدة داخل الحزب.
خسائر مؤجلة
الصورة غير متاحة
د. عمرو هاشم ربيع
ويستنكر الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير في الشئون البرلمانية، ترشيحات الحزب الوطني أكثر من مرشح على مقعد واحد، متسائلاً: "كيف يضع الحزب الوطني منافسين لمرشحيه؟"، موضحًا أن قيادات الحزب ينظرون تحت أقدامهم فقط ولا توجد لديهم نظرة مستقبليه لنتائج هذه الخطوة.
ويضيف أنهم يريدون إرضاء أعضاء الحزب الوطني لمنع الانشقاقات ولترضيه قيادات الحزب من الحرس الجديد والقديم، وهو هدفٌ حاليٌّ في ظاهرة المكسب، ولكن في النهاية الهدف المؤجَّل ستكون نتيجته خسارة الحزب الوطني، وسيؤثر سلبًا في عملية الاقتراع في حال إجرائها بنزاهة وشفافية.
ويستطرد أن الحزب بترشيحاته هذه قد أعطى للمعارضة فرصةً ذهبيةً في مواجهة الحزب الوطني في حال توحُّد قوى المعارضة واجتماعها على قلب رجل واحد، وتمَّ التنسيق بينهم في الترشيح والدعاية، وأخلوا الدوائر أمام بعضهم، واستغلوا المنافسة بين مرشحي الحزب الوطني، ولكنَّ المعارضة في مصر "خايبانة" على حد تعبيره، ولا يوجد في مصر أحزاب معارضة، لأن كل واحد بيقول "يللا نفسي" ويلهث بعضهم وراء منح وعطايا الحزب الوطني الذي وعدهم بفتات مقاعد البرلمان.
ويقول إن الحزب الوطني هدم المجمعات الانتخابية واستطلاعات الرأي التي أجراها بهذه الترشيحات، موضحًا أن الكثير صدَّق المجمعات وأعضاء الحزب أيضًا صدَّقوا أنفسهم، ولكن ما حدث أثبت كذبهم على الناس وعلى أنفسهم، وهدم الديكور الذي حاولوا تشكيله في الفترة الماضية.
الصورة غير متاحة
د. محمد البلتاجي
ويرى الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين ومرشح الفئات في دائرة شبرا، أن ترشيحات الحزب الوطني تعبِّر عن محاولة الحزب حلَّ مشكلة الصراع بين القوى المتنافسة في الحزب، والتي لكل منها أتباعها الذين يقفون وراءها ويساندونها، فهي عمل ليس له أهداف سياسية بقدر ما هو محاولة لمنع التصدُّع والانشقاق داخل الحزب.
ويضيف أن هذا الحل يتعارض مع مفهوم العمل السياسي الحزبي، قائلاً: "لم نسمع في العالم أو التاريخ أن حزبًا يرشِّح أكثر من مرشح على مقعد واحد في نفس الدائرة، مؤكدًا أن الحزب الوطني ليس حزبًا سياسيًّا يعمل في مجال العمل السياسي والحزبي، وإنما هو تجمُّعٌ لرجال الأعمال يسعى للسيطرة على السلطة بكل الوسائل، وهذه الترشيحات تعدُّ نوعًا من البلطجة السياسية من الحزب الذي يقول لمرشحيه: "انزلوا كلكم واللي ينجح يبقى بتاعي".
ويوضح أن الحزب كان يفعل ذلك من قبل من خلال ترشيح مرشح باسم الحزب، وآخرين من المستقلين يتم ضمُّهم إلى الحزب حال فوزهم في الانتخابات، أما أن يعلن بصورة رسمية أكثر من مرشح فهذا الأمر يعد بدعةً في عالم السياسة، ويؤكد أن المسألة ليست برنامجًا سياسيًّا بقدر ما هي آلية لوصول رجال الأعمال إلى المقاعد ولا علاقة لهم بالعمل الحزبي السياسي.
ويرى أن نتائج هذه الترشيحات سوف تكون عكسيةً على الحزب الوطني ومرشحيه، وستفجر العديد من الصراعات بين مرشحي الحزب الوطني المتنافسين على مقاعد مجلس الشعب، موضحًا أن الحزب الوطني يتصوَّر أن هؤلاء المرشحين سيتنافسون في الإطاحة بمشرح المعارضة، لكن لطبيعة التنافس الشخصي بين مرشحي الحزب ستكون المنافسة الأشرس بينهم، وستشهد العملية الانتخابية ممارسات أكثر سوءًا من بلطجة وتطاحن وشراء أصوات.
ويضيف أن دائرة الحزب الوطني، ودوائر اللجان الحزبية، والدوائر التنفيذية التي ترغم على التصويت لصالح مرشحي الحزب الوطني وحتى الدوائر التي ُتشترى أصواتها؛ هي دائرة واحدة سيكون التنافس عليها شديدًا بين مرشحي الحزب الوطني المتنافسين، وستقسم هذه الأصوات على أكثر من مرشح وسينقلب سحرهم على أنفسهم.
[StumbleUpon]
0 التعليقات:
إرسال تعليق