11/07/2010

وزراء الأزمات في البرلمان.. الفشل المزدوج!


- د. عمار حسن: الترشح سيؤدي إلى الفشل المزدوج في المهمتين

- د. أحمد أبو بركة: توسيع لسلطات الحكومة وإضعاف للمجلس

- د. مجدي قرقر: عضوية الوزير استقطاع من مسئوليته بالوزارة

- د. كريمة الحفناوي: كل مرشحي "الوطني" شلة من المنتفعين



تحقيق: يارا نجاتي 04/09/2010 إخوان أون لاين

الصورة السياسية في مصر دائمًا مقلوبة.. فإذا كان العالم كله تتشكل فيه الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية، وقد يتم اختيار وزرائها من بين النواب الفائزين بها، ففي مصر تشكِّل الحكومة البرلمان وتعيِّن وزراءها أعضاء فيه، رغم أنف المواطن وحتى المجلس نفسه!.وقد استبق الانتخابات القادمة عشرة من وزراء حكومة الأزمات؛ بإعلان الترشح إليها بعد تقديم أوراقهم لمجمعات الحزب الوطني الانتخابية، ولسان حالهم يقول إن الوزارة وحدها لا تكفي، خاصةً أنها غير مضمونة ساعة واحدة، في حين أن مزايا كرسي المجلس تستمر لخمس سنوات ما لم يتم حل البرلمان.



ومن هؤلاء الوزراء وزير الزراعة أمين أباظة؛ الذي تزامن ترشحه مع أزمة القمح المتفاقمة نتيجة للسياسات الزراعية الفاشلة، وتقليص المساحات المزروعة منه في مصر والاعتماد على الاستيراد، إلى جانب أزمة محصول الذرة الذي يعدُّ المحصول الإستراتيجي الثاني بعد القمح.



ولا ننسى أزمة اللحوم التي ترتفع أسعارها باستمرار، والتي بشَّر وزير الزراعة- في تصريحاتٍ صحفية- بأن يصل سعر كيلو اللحمة إلى 200 جنيه.



أما وزير المالية يوسف بطرس غالي- أو كما يسميه الشعب بوزير الجباية- فيعرف عهده تدني مستوى دخل المواطن المصري، وارتفاع العجز في الميزانية العامة للدولة إلى أرقام لم يشهدها من قبل، وارتفاع الدين العام، إلى جانب إعداد قوانين الجباية الخبيثة التي تستهدف مصَّ دم الشعب، كقانون الضرائب العقارية وقانون التأمينات والمعاشات.. وغيرها.



وجاء ترشح علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي بعد نجاح سياساته الفاشلة في تسجيل حالات قتل ومشادات بالأسلحة في طوابير العيش، غير ارتفاع أسعار التموين وتردي المنتجات.



ولم يتخلَّف وزير الري والموارد المائية نصر الدين علام وأحد المسئولين عن أزمة الماء الكبرى التي تهدد مستقبل مصر، كما فشل في إدارة أزمة دول حوض النيل، والوصول إلى حلول بين دول المصب ودول المنبع، وأيضًا في إيصال المياه إلى ملايين من المصريين، أو احتواء ثورة العطش التي يتجه إليها المصريون.



وكذلك وزير الاستثمار محمود محيي الدين؛ الذي كان من أكبر مساوئه الاستمرار في سياسة الخصخصة التي أدَّت إلى تراجع الاقتصاد والمجتمع المصري بالكامل، وكبَّدته الكثير من الخسائر.



ووزير البرلمان مفيد شهاب، الذي أسهم في صنع العديد من القوانين لمصلحة بقاء النظام، ودافع عن تمديد قانون الطوارئ، إلى جانب دفاعه المستميت عن مستوى حقوق الإنسان المتدني في مصر، ووصفه بأنه شهد طفرةً مؤثرةً وضخمةً لمصلحة المواطن المصري.



وتقدَّم للانتخابات أيضًا وزير النقل المهندس علاء فهمي؛ الذي شغل منصبه في مطلع العام الجاري، ولم تظهر بعد أي ملامح لتغيير السياسات الفاشلة لوزارات النقل السابقة.



بالإضافة إلى الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي التي تعتبر مساهمةً في فشل المفاوضات مع دول المنبع حول أزمة مياه النيل، واللواء عبد السلام محجوب وزير التنمية المحلية ومحافظ الإسكندرية السابق، ووزير الإنتاج الحربي.



الأسئلة والتناقضات التي صنعها ترشح وزراء الأزمات للانتخابات البرلمانية طرحناها على الخبراء في التحقيق التالي:



فشل مزدوج

الصورة غير متاحة

د. عمار علي حسن

يؤكد الدكتور عمار علي حسن، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، أن زيادة ترشح الوزراء يعكس من الناحية الحزبية أمرين متناقضين؛ أولهما حاجة الوزراء الماسة إلى مقاعد البرلمان لحماية مناصبهم بالحصانة البرلمانية، أما الثاني فيتمثل في حاجة الحزب الوطني إلى شخصيات قوية، خاصةً في الدوائر التي تحمل عصبيات عائلية كبيرة، أو بها معارضون أصحاب شخصية وتاريخ قوي في الدائرة.



ومن الناحية السياسية يرى أن ترشيح الوزراء سيؤدي إلى تضارب في الاختصاصات؛ لأن الوزير يكون عضوًا في السلطة وفي نفس الوقت المشرع والمراقب لها؛ ما يشعر السلطة بأن البرلمان جزءٌ منها، وليس سلطة قائمة بذاتها تهدف إلى التشريع للمجتمع.



ويشير إلى أنه من الأمور التي تدعو الوزير إلى عدم الترشح في البرلمان هو أن كل السياسات العامة المصرية تتسم بالفشل، وأن الوزراء ليسوا قادرين على القيام بمهامهم في الوزارة؛ ما يعني أن الانتخابات ستستهلك كل طاقاتهم، مؤكدًا أن إدارة الوزير لموقعين متناقضين، وفي نفس الوقت عبئين ثقيلين؛ ستبوء بالفشل المؤكد في الموقعين.



ويوضح أن الوزير لن يغامر بموقعه ويترشح في مجلس الشعب من دون حصوله على الضمانات والوعود المؤكدة بنجاحه، قائلاً: إن ترشُّح بعض هؤلاء الوزراء في دوائر كان يمثلها أقطاب كبيرة في الحزب الوطني سيسبِّب العديد من المشكلات الداخلية والغضب في الحزب، خاصةً مع احتكار الوزراء- وهم عدد محدود- لعددٍ كبيرٍ من المناصب والمنافع في أشخاص محددين؛ كأن يكون وزيرًا ووكيلَ لجنة في المجلس، إلى جانب كونهم من أكبر رجال الأعمال في البلاد.



عوار دستوري

الصورة غير متاحة

د. أحمد أبو بركة

ويرى الدكتور أحمد أبو بركة عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب أن زيادة عدد الوزراء المرشحين لانتخابات مجلس الشعب في الدورة القادمة يعدُّ مؤشرًا خطيرًا على تقليل سلطة المجلس في الرقابة على أعمال الحكومة ومتابعة أدائها، فضلاً عن دلالته المباشرة في عدم نزاهة أو سلامة نظام إدارة الحكم في مصر، بجانب تأكيده زيادة نسبة النهب من ثروات المجتمع.



ويضيف أن ذلك التصرف من الحزب الحاكم بمثابة توسيع لسلطات الحكومة في المجلس، مع إضعاف دور المجلس في الرقابة والدعم التشريعي؛ ما يناقض المبدأ الدستوري بالفصل التام بين السلطات، لكي تؤدي كل منها دورها في إدارة شئون البلاد، وتصبح الحكومة سلطة تشريعية تدير البلد، والبرلمان سلطة تراقب وتزيل الفساد الموجود في السلطة التنفيذية.



ويؤكد أن ذلك الضعف المستمر لدور مجلس الشعب لن ينعكس سوى على المواطن البسيط في مصر، نتيجةً لضياع حقوقه، وعدم حصوله على أيٍّ من واجباته، أو وجود مَن يدافع عن مصالحه في البرلمان المصري.



خصم وحكم

الصورة غير متاحة

د. مجدي قرقر

ويقول الدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد لحزب العمل: إن ترشيح عشرة من وزراء الحكومة في انتخابات مجلس الشعب ينمُّ عن ضعف بنية الحزب الحاكم، إلى جانب رغبة الحكومة في الاستيلاء الكامل على البرلمان مصدر التشريع.



ويستنكر أن تكون الحكومة في موضع الحكم والخصم في نفس الوقت، قائلاً: إن مهمة البرلمان هي متابعة أعمال السلطة التنفيذية والرقابة على أداء الحكومة من خلال تقديم الاستجوابات وطلبات الإحاطة وسحب الثقة من الحكومة.



ويتساءل مستهزئًا: هل سيقدم الوزير استجوابًا أو طلب إحاطة ضد وزارته حول خطأ أو فساد قام به؟ أم سيطالب باستقالة وزارته؟ مؤكدًا أن أداء الوزير عضو البرلمان في وزارته سيتأثر كثيرًا، وستظهر العديد من الأزمات في الوزارة، خاصةً إذا التزم الوزير بحضور كل جلسات المجلس؛ ما سيجعل وقت الجلسات وقتًا مستقطعًا من الوقت والجهد المخصصَينِ لوزارته.



ويضيف حتى الآن أداء كل الوزارات في مصر متردٍّ للغاية، فما بالنا بالحال التي ستصبح عليها البلد إذا انشغل الوزراء أكثر وأكثر عن مسئولياتهم الكبرى، ويشير إلى أن الوزير المرشح لمجلس الشعب ربما يبحث عن دور جديد غير الوزارة لإثبات نفسه أمام السلطة، أو تخوفًا من الإطاحة به في التعديل الوزاري القادم.



ويؤكد أن ترشيح الحزب الوطني لذلك العدد الكبير من الوزراء في انتخابات مجلس الشعب بمثابة اعتراف منها بعدم وجود مرشحين أقوياء للوطني في الدوائر المرشح بها الوزراء، وتأكيد لنيتها المسبقة تزوير الانتخابات القادمة.



بدعة وضلالة

وتصف الدكتورة كريمة الحفناوي عضو الجمعية الوطنية للتغيير ترشيح الوزراء في البرلمان بأنها "بدعة وضلالة"، قائلةً: إنها لم تسمع بتلك البدعة إلا في مصر، ولم ترَها بنفس الشكل الذي تلاشى فيه الفصل بين السلطات في أي من دول العالم، مشيرةً إلى أن البرلمان المنوط به مراقبة الحكومة، لكن في مصر أصبحت الحكومة هي الجاني والمجني عليه في آنٍ واحد.



وتُرجع سبب تفاقم أزمة عدم محاسبة الحكومة على الفساد المنتشر بداخلها طوال السنوات الماضية، إلى وجود الوزراء أعضاء في مجلس الشعب، مشيرةً إلى أن مجلس الشعب منذ دخول الوزراء في عضويته تقلَّصت مهامُّه بالكامل، واقتصر على التشريع لحساب مصلحة الحزب الوطني ورجال الأعمال.



وتضرب المثل بصدور قانون في ظاهره تُجرِّم الاحتكار، وكيف أنه مفصَّل خصيصًا لخدمة ومساعدة أعضاء الحزب المحتكرين على الاستمرار في أعمالهم الاحتكارية، أو ظهور القوانين المقيدة للحريات كالقانون الذي يبيح حبس الصحفيين، لكي لا يقوموا بكشف الفساد الحكومي الذي يغطي عليه أعضاء الحزب الحاكم والوزراء داخل البرلمان، مكملةً: إن كل التعديلات التي تتم للدستور لم تراعِ سوى مصالح النظام وتضمن بقاءه كالمحاكمات العسكرية والطوارئ.



وترى أن الوزير المصري يتجه إلى ترشيح نفسه في البرلمان حتى يحصل على منافعه الشخصية، موضحًا أن دخول الوزير- الذي يعدُّ أعلى شريحة سياسية في الحزب الحاكم- المجلس من أجل مصالحه الخاصة يدل على أن بقية مرشحي الحزب ليسوا سوى منتفعين أصغر، سيملؤون المجلس بالفساد، ويؤكد أن كل مرشحي "الوطني" ما هم إلا شلة من المنتفعين على حساب الشعب.



وتدلل على حديثها بقضايا الفساد التي ظهر بعضها خلال الدورة البرلمانية السابقة؛ حيث كُشفت بعض القضايا التي تؤكد فساد نواب الحزب الوطني، وكونهم أصحاب ثروات لا تهمُّهم سوى مصالحهم، ومنها قضية نائب القمار، والتهريب الجمركي، والفضائح الكثيرة لعلاقات النواب النسائية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن