9/05/2010

رمضان شهر الانتصارات.. عجبا لأمة تصوم فلا تنتصر


بقلم دكتور مجدي قرقر
qorqor53@hotmail.com

قاعدة قرآنية نتعلمها من تاريخنا الإسلامي .. " عجبا لأمة تصوم فلا تنتصر " .. درس من دروس الصيام .. أمة تصوم يكون النصر حليفها .. هذه هي القاعدة والعكس هو الاستثناء .. في رمضان نصر الله المؤمنين ببدر ( 2 هـ ) وفي رمضان كان فتح مكة ( 8 هـ ) .. وفي رمضان أيضا كان انتصار حطين ( 582 هـ ) وعين جالوت ( 658 هـ ) .. وفي رمضان كان نصر العاشر من رمضان ( 1394 هـ ) .. وفي رمضان – انتفاضة الأقصى - كانت العمليات الاستشهادية في فلسطين السليبة والتي كبدت العدو أكبر الخسائر .. وفي رمضان دخل الحلف الصهيوني الأمريكي مصيدة الأفغان ليلقى حتفه ولم يخرج منها حتى الآن .. ما أعظم أمة تصوم فتنتصر
بداية دولة الإسلام كانت ببدر .. واكتمال الإسلام كان بفتح مكة وتحرير بيته الحرام من الأصنام وتحرير الجزيرة العربية من قتلة الأنبياء وخونة العهود – اليهود - أعداء الله ورسوله
ويأتي رمضان هذا العام كسابقه في الأعوام الماضية والأمة صامدة تواجه تحديات كبيرة .. يأتي هذا العام والصهاينة مازالوا يشنون حصارا شاملا ضد أهلنا في فلسطين السليبة وفي قطاع غزة .. حرب شاملة تبيد شعب فلسطين وأرضه .. حرب شاملة تقتلع زرعه وسكنه ولكن هيهات هيهات فنصر الله آت لا محالة إن شاء الله .
يأتي رمضان هذا العام والحلف الصهيوني الأمريكي مازال يشن حربا لا هوادة فيها ضد الأمة العربية والإسلامية في أفغانستان والعراق وفلسطين ولنه بفضل الله وبسلاح المقاومة يواجه الهزائم تلو الهزائم .. يأتي رمضان هذا العام والحلف الصهيوني الأمريكي وقد أعلن الرئيس الأمريكي هزيمة حلفه ببدء الجلاء عن العراق .. يأتي رمضان هذا العام والحلف الصهيوني الأمريكي وقد انفضح أمره بهزيمته في أفغانستان .. يأتي رمضان هذا العام والمقاومة الفلسطينية تعاود عملياتها في الضفة الغربية في الخليل ورام الله .. كل الضربات موجهة لخدمة المصالح الصهيونية في المنطقة العربية والإسلامية ورغم كل هذه التحديات .. رغم كل هذا المكر .. فإنه ما كان – هذا المكر - لولا أن هذه الأمة فيها حياة .. سيبقى الأمل في النصر .. سيبقى الأمل طالما كانت هناك أمة مؤمنة .. أمة مسلمة .. أمة تصوم .. فعجبا لأمة تصوم فلا تنتصر .
الصوم إضافة للتقوى وخشية الله وسيلة كبرى لتحقيق غايات أكبر .. الصوم يزكي النفس ويسمو بها .. وتزكية النفس ضرورة لتجاوز الظروف الصعبة والمحن القاسية .. تزكية النفس تعلو بالإرادة وتربطها بالإيمان .. والصراع بيننا وبين الحلف الصهيوني الأمريكي له أداتين الإمكانات والإرادة .. إمكانات بدون إرادة طاقة مهدرة لا يستفاد منها .. وإرادة بدون إمكانات قد تورطنا في معركة غير متكافئة .. ولكن قبل أن يتداخل المستسلمون والمنبطحون فالإمكانات ليست إمكانات مادية فقط ولكنها إمكانات مادية ومعنوية وثقافية وحضارية وعقدية وفي كل الجبهات .. الإمكانات إمكانات قوة شاملة وليست قوة عسكرية فقط .. أما الإرادة فإنها أعظم ما تكون مع الصيام .. فعجبا لأمة تصوم فلا تنتصر .
*****
بدر نصر ووعد
17 رمضان – 2 هـ
بإرادة الصائمين كان النصر في غزوة بدر .. وبدر كانت نصر ووعد .. أما النصر فقد تحقق بنصر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .. وأما الوعد فباق طالما كانت هناك أمة تصوم فتنتصر .
انتصرت إرادة المسلمين في بدر رغم أنه لم يكن في الحسبان أن الأمر سينتهي إلى معركة وقتال فلقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السابع من رمضان في السنة الثانية من الهجرة ليسترد أموال المسلمين السليبة من قافلة أبي سفيان .. خرج المسلمون ليقطعوا على المشركين شريان حياتهم الاقتصادي في تجارتهم مع الشام ولكن الأمر انتهى إلى معركة وقتال .. ( وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين )ْ7ْ الأنفال .
إنها إرادة وعزيمة الصحابة من المهاجرين والأنصار عندما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين هل يثبتوا لمواجهة المشركين الذين تجهزوا لحربهم أم يعودوا إلى المدينة بعد أن أفلتت قافلة قريش ؟ .. يشير المقداد بن عمرو بالثبات ( امض لما أمرك الله فنحن معك .. والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى .. اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون .. ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ) .. ولكن عين الرسول على الأنصار فينهض سعد بن معاذ من بينهم ( والله لكأنك تريدنا يا رسول الله .. لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة .. والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. إنا لصبر في الحرب .. صدق في اللقاء .. لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ) .
إنها إرادة وعزيمة الصائم سعد بن معاذ رضي الله عنه كما أنها إرادة وعزيمة وشفافية النبي الصائم المستجاب الدعوة ( سيروا على بركة الله وابشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم ) ويبتهل صلى الله عليه وسلم إلى الله ( اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك .. اللهم فنصرك الذي وعدتني ) .. لو حسبها صلى الله عليه وسلم وصحابته حساب إمكانات مادية ما كانت بدر فهم ثلاثمائة يزيدون قليلا .. قلة لا تجد ما تركب أو ما تأكل أمام ألف يزيدون أو يقلون يركبون الخيل ومعهم ما ينحرون ومعهم دفوف ونساء ليلهى ويتسلى الجنود .
إنها إرادة الصائم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .. الصحابي الجليل قصير القامة الذي يصعد فوق صدر أبي جهل فيخاطبه أبو جهل وهو تحت قدمه ( لقد ارتقيت مرتقى صعبا يارويعي الغنم ) ولكن سيف مسلم أجهز عليه 0
إنها إرادة الصائم بلال بن رباح الذي رأى أمية بن خلف أسيرا في يد عبد الله بن الزبير فيصيح بلال ( أمية بن خلف رأس الكفر .. لا نجوت إن نجا .. لا نجوت إن نجا ) يحول عبد الله بينه وبين أسيره فيستنصر بلال بإخوانه ويصيح ( يا أنصار الله .. أمية بن خلف رأس الكفر .. لا نجوت إن نجا .. لا نجوت إن نجا ) ويواصل بلال متابعته لهدفه حتى يقتل المسلمون أمية بن خلف .
*****
بدر معجزات ودروس
وفي بدر معجزات ودروس .. ومن المعجزات نعرض لثلاث ونبدأ بأعظمها .. استغاثة الرسول صلى الله عليه وسلم ومدد الله سبحانه بملائكته .. بدأت المعركة كعادتها بالمبارزة وبرز من المشركين عتبة بن ربيعة وأخاه شيبة وابنه الوليد .. يدفع الرسول صلى الله عليه وسلم بحمزة بن عبد المطلب ( أسد الله ورسوله ) وعلي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) وعبيدة بن الحارث ( رضي الله عنه ) .. يلقى حمزة عتبة فيقتله ويلقى علي الوليد فيقتله ويلقى عبيدة شيبة فيصيب شيبة ساق عبيدة فينتصر له أخواه فيقتلان شيبة .. كانت هذه البداية وكانت هذه بشارة النصر .
يبدأ المسلمون المعركة من موقعهم الاستراتيجي الذي اختاره رسولهم الكريم بعد مشاورتهم .. يبدأ المسلمون بقذف السهام على قريش .. يصيح أبو بكر - الصديق رضي الله عنه – ( اجعلوا شعاركم .. أحد .. أحد ) .. يحمل المشركون على المسلمين ولكن المسلمين ثابتون ( أحد .. أحد ) .. تشتد المعركة .. الرسول صلى الله عليه وسلم في مركز القيادة يدير المعركة – عريش من جريد على ربوة عالية أشار به سعد بن معاذ وبناه مع بعض المسلمين قبل بدء المعركة – تشتد المعركة .. رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتهل ( يا حي يا قيوم .. يا حي يا قيوم .. يا حي يا قيوم) .. بعض الصحابة يحيطون بعريش رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الرسول يبتهل ( يا حي يا قيوم .. يا حي يا قيوم .. يا حي يا قيوم ) .. يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخفق خفقة .. يقوم من خفقته .. ينادي أبا بكر .. الصديق يلبي .. يبشره الرسول صلى الله عليه وسلم ( أبشر أبا بكر .. أتاك نصر الله .. هذا جبريل آخذا بعنان فرسه يقوده وعلى ثناياه النقع ) .. تلك كانت الاستغاثة وذلك كان المدد الذي أخبرنا القرآن عنه ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون ْ123ْ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ْ124ْ بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ْ125ْ وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ْ126ْ ) آل عمران .. ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ْ9ْ وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ْ10ْ ) الأنفال
.. إنها إرادة الله وتثبيته ونصره ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ْ12ْ ) ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ْ17ْ ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ْ18ْ ) الأنفال
والمعجزة الثانية معجزة النعاس .. قبل المعركة ووسط الخوف من لقاء جمع المشركين بعددهم وعدتهم ينعم الله على المسلمين بالنعاس فيغشاهم النوم ثم يصحون منه وقد اطمأنت قلوبهم وغمرت السكينة نفوسهم وإذا بهم يستبشرون بالنصر ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه "11" ) الأنفال .. وهكذا كان يوم أحد .. تكرر الفزع وتكرر النعاس وتكررت الطمأنينة .
والمعجزة الثالثة معجزة المطر .. ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ْ11ْ) الأنفال.. وبعد النعاس فإذا بالمطر ينزل فيروي به ظمأهم .. ينزل الماء ليطهرهم به إذا مستهم جنابة أثناء النوم .. ينزل الماء فيثبت به الرمال فتثبت الأقدام عند لقاء العدو .
في بدر معجزات ودروس .. ومن الدروس نكتفي بأربعة .. ونبدأ بأولها .. أمر المؤمنين كله خير .. نقدر ما نقدر ولكن الله يقدر ما يشاء وفي قدره كل الخير لعباده من المؤمنين .. فكما يقول الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام للإخوان المسلمين في مقال له ( خفف الله عنه وعافاه ) .. هناك فرق كبير جدا بين ما يطلبه الناس لأنفسهم وما يريده الله لهم .. فغزوة بدر كانت ستمضي في التاريخ حسب مقاييس المؤمنين - غير ذات الشوكة - فتصبح قصة تجارة وقافلة غنمها المسلمون واستولوا عليها وعادوا إلى المدينة ، وهذا ما أراده المسلمون وخرجوا من المدينة لأجله ، أما ما أراده الله سبحانه وتعالى: أن تكون موقعة وغزوة ، ونصر عقيدة وانتصار الحق على الباطل ، وانتصار القلوب حين تتصل بالله ، فإذا الحق راجح غالب .
الدرس الثاني درس الإمكانات والإرادة الذي أشرنا إليه .. الإمكانات ليست إمكانات مادية فقط ولكنها إمكانات مادية ومعنوية وثقافية وحضارية وعقدية وفي كل الجبهات .. الإمكانات إمكانات قوة شاملة وليست قوة عسكرية فقط .. أما الإرادة فإنها أعظم ما تكون مع الصيام .. ولا تجدي ذخيرة العتاد والسلاح إلا إذا كانت مؤيدة بقوة الإيمان واليقين الحق .
الدرس الثالث هو درس الثبات والصبر عند مواجهة الأعداء .. الثبات والصبر هما عدة القتال الأولى .. ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ْ15ْ ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جـهنم وبئس المصير ْ16ْ) الأنفال
درس رابع لا يقل أهمية هو درس الشورى .. ونعرض فيه لمواقف ثلاثة .. الموقف الأول الذي أشرنا إليه وهو استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته : هل يعودون للمدينة بعد أن أفلتت قافلة قريش أم ينتظرون الكفار لمواجهتهم ؟ .. وأشار عليه المهاجرون والأنصار ممثلين في المقداد بن عمرو وسعد بن معاذ بالثبات والقتال كما أشرنا .
الموقف الثاني لدرس لشورى هو منزل الحرب .. فلقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى موقع لينزلوا به فإذا الخباب بن المنذر يسأل الرسول الكريم ( أرأيت هذا المكان أمنزلا أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟! ) ويجيبه الرسول صلى الله عليه وسلم ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) فيشير عليه الخباب بموقع آخر بالقرب من القليب ليتحكموا في الماء ويمنعونه عن المشركين .
الموقف الثالث لدرس الشورى هو مشورة الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين أعزهم الله بالنصر بشأن أسرى المشركين .. يشير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – بقتلهم ويشير أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – بقبول الدية ومن لا يملك فليعلم عشرا من غلمان المسلمين .. ويأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر ويقبل الدية إعمالا لمبدأ الشورى الذي أمر الله رسوله الكريم به .. فالشورى واجبة طالما لم يكن هناك نص .. وينزل القرآن الكريم مؤيدا لرأي عمر الذي لم يؤخذ به .. ولا حرج في ذلك طالما لم يكن هناك نص .. ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ْ67ْ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ْ68ْ ) الأنفال .. هذا هو درس الشورى .. والشورى سابقة على التشريع فأغلب آيات التشريع مدنية ولقد عاش المجتمع المسلم ثلاث عشرة سنة في مكة قبل المدينة فما الذي كان يحكم المسلمين؟!! .. الإجابة بوضوح هي الشورى فالشورى سابقة على التشريع كما أشرنا .
*****
فتح مكة .. الفتح المبين
10 رمضان - 8 هـ
استتبت الأمور للإسلام في يثرب – مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم – تنقض قريش صلح الحديبية .. تدرك قريش أنها الحرب مع قوة أصبحت لا قبل لهم بها .. يشد أبو سفيان الرحال إلى المدينة طالبا التأكيد على عهد الصلح ومد المدة .. يعود إلى مكة بخفي حنين .. تستقبله قريش .. يحدثهم في ذل ( جئت محمدا فكلمته فواللات ما رد علي .. ثم جئت أبا بكـر فلم أجد فيه خيرا .. ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أعدى العدو .. ثم أتيت عليا فوجدته ألين القوم وأشار علي بشيء صنعته – أن يجار بين الناس ثم يلحق بأرضه – فواللات ما أدري هل يغني ذلك شيئا أم لا ) .. يحشد رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش المسلمين – عشرة آلاف من المقاتلين – يتكتم النبأ حتى لا تعد قريش العدة لمواجهته أو تتحالف مع القبائل واليهود .. يصل جيش المسلمين إلى جبال مكة في المساء .. يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تشعل النيران .. قريش تصلها أنباء جيش المسلمين وترى نارا لم ترها من قبل .. يتسرب الخوف إلى نفوس المشركين .. العباس عم النبي يحمل أبا سفيان على عجز دابته إلى خارج مكة ينشد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يراهما عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يسبقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صائحا ( يا رسول الله .. هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني أضرب عنقه ) .. يرد العباس ( يا رسول الله إني قد أجرته ) .. يهدأ عمر مخاطبا العباس ( مهلا يا عباس .. فوا الله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم .. وما بي إلا أني عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب لو أسلم ) .. يطمئن أبو سفيان قليلا .. يناشد العباس ( كلم لي ابن أخيك ) .. يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان في عزة من منّ الله عليه بالنصر ( أبا سفيان ) .. يرد أبو سفيان متهللا ( نعم يا أبا القاسم ) يجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ويحك !! .. ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟! ) يرد أبو سفيان ( لو أعلم أن مع الله إلها غيره لأغنى عني شيئا) يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ويحك أبا سفيان !! .. ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟! ) يجيبه أبو سفيان في ذله ( بأبي أنت وأمي .. ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! .. أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا ! ) .. يغمزه العباس ( ويحك ! .. أسلم واشهد قبل أن يضرب عنقك ) ينطق أبو سفيان بالشهادتين .. يردف العباس ( يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر .. فاجعل له شيئا ) يجيبه الرسول الكريم ( نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ! ) يجيب أبو سفيان ( إنك والله لكريم ) يهمس رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ( احبسه معك بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها )
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم الجيش إلى أربع فرق ليدخل مكة من جهات أربع إظهارا لقوة المسلمين عند عرب الجزيرة .. العباس مخاطبا أبا سفيان وهما بمضيق الوادي (أنظر إلى جنود الله !! ) .. أبو سفيان مأخوذا ( نعم ! .. نعم .. ما هذه القبائل كلها ؟!) يجيبه العباس وجيش المسلمين يدخل إلى مكة ( هذه قبيلة سليم .. وهؤلاء مزينة .. وهؤلاء قبائل أسلم وغفار وجهينة ) .. الجيش يمر في راياته .. يصيح أبو سفيان مشدوها ( سبحان الله يا عباس !! .. من هؤلاء ؟! ) يجيبه العباس ( هذا رسول الله في كتيبته الخضراء ) يتعجب أبو سفيان ( الكتيبة الخضراء ؟!! ) يجيبه العباس ( نعم كتيبة رسول الله مع المهاجرين والأنصار ) يتمتم أبو سفيان ( يا لكثرة الحديد في هذه الكتيبة !! .. ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة .. والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما !! ) .. يفهمه العباس ( يا أبا سفيان إنها النبوة !! ) .. يؤمن أبو سفيان ( فنعم إذن ) .. يدفعه العباس ( أنج بقومك ) .. يسرع أبو سفيان إلى قريش .
أبو سفيان خطيبا في قومه ( يا معشر قريش .. هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) .. توبخه هند بنت عتبة .. يرد عليه الناس ( قاتلك الله !! .. وماذا تغني عنا دارك ؟! ) يكمل أبو سفيان ( ومن أغلق بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن ) .. يدخل جيش الله مكة دون قتال .. رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابتـه ناظرا إلى السماء ( لا إله إلا الله .. وحده لا شريك له .. صدق وعده .. نصر عبده .. وهزم الأحزاب وحده ) .. يخفض رأسه ويسير إلى الكعبة .. يشير إلى الأصنام .. يهتف بالمســلمين ( جاء الحق وزهق الباطل .. إن الباطل كان زهوقا )
يحطم المسلمون أصنام الكعبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح بحمد ربه ويستغفره
وما بين بدر وفتح مكة ست سنوات !!!!!!!!!!!!!
ست سنوات بين بداية دولة الإسلام ببدر واكتمال الإسلام بتحرير بيته الحرام من الأصنام
وما بين هزيمة 67 وانتصار 73 ست سنوات .. ما بين شعارات ( حنحارب حنحارب وصيحة الله أكبر ) أيضا ست سنوات
*****
في رمضان كان نصر الله للمؤمنين ببدر وكان فتح مكة
وفي رمضان كان انتصار حطين وعين جالوت
كان العاشر من رمضان .
ما أعظم أمة تصوم فتنتصر
ندعو الله أن يوفقنا في متابعة انتصارات رمضان في عدد لاحق
*****
وفي رمضان نستلهم القرآن في الدعاء
اللهم اجمعنا على كلمة سواء
اللهم اجمع العرب والمسلمين على كلمة سواء تفرق بينهم وبين الظالمين .. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واصرف الفتنة عنا .. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين .. ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فاكشف عنا هذا الكرب العظيم .. اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك وجميع سخطك .. ونعوذ بعفوك من عقوبتك .. ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين .. ونجنا برحمتك من القوم الكافرين .
اللهم زدنا صلابة في دينك على قدر ابتلائك .. اللهم واحفظ عبادك المؤمنين .. اللهم انصر عبادك المجاهدين في أفغانستان والعراق وفلسطين .. اللهم احفظ جنودك المسلمين .. اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا .. اللهم إنا نسألك الثبات والعزيمة .. ونعوذ بك من العجز والكسل والجبن .. ونعوذ بك من ذل الدين وقهر الرجال .. اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا .
اللهم اشدد وطأتك على أعدائك واجعل الدائرة تدور عليهم .. اللهم اجعل كيدهم في نحورهم وأعذنا من شرورهم .. اللهم اجعلنا حربا على أعدائك وسلما لأوليائك .. اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم .. اللهم اهزم حلف الأمريكان والصهاينة وولهم الدبر .. يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين فانصرنا على القوم الظالمين .
ربنا اجعل بلاد المسلمين آمنة مطمئنة .. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد .. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا .. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا .. أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
لا إله إلا الله .. لا شريك له .. وحده .. صدق وعده ..
نصر عبده .. هزم الأحزاب وحده ..
جاء الحق وزهق الباطل .. إن الباطل كان زهوقا

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن