دستور الانقلاب:
1- بني على باطل
باغتصاب السلطة بقوة قهرية ضد الشعب
2- وفي ظل بيئة مليئة
بالكراهية والانقسام
3- وصيغ في سرية لمباغتة شعب من الأعداء
مادة 1 "مصر لا ينزل عن شيء منها" - نصرخ في وجه رئيس حكومة الانقلاب لماذا لا
تصارحنا بحقيقة إعطاء حق انتفاع لدولة الإمارات في أراض شرق وغرب خليج السويس
لإجهاض مشروع "تنمية محور قناة السويس"
تحصين الفريق
السيسي جاء في اللحظات الأخيرة لمباغتة شعب من الأعداء
قضية الشريعة
الإسلامية تعكس حالة الاستقطاب الإسلامي العلماني التي يعيشها المجتمع منذ
السبعينات قبل أن تعكس خلافا حول نص دستوري
مصر غير قابلة
للعلمنة فرغم أنها لم تذب في الاستعمار إلا أنها احتضنت الأديان والرسالات
السماوية لأن شعبها متدين بطبيعته
تعديلات لجان
الانقلاب تكبل الأزهر وتحجمه ولا تضمن استقلاله المالي والإداري، لماذا لا يعامل مثل الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية
وفقا لرؤى الفريق السيسي "كله بحسابه" الدولة
تكفل حماية الأمومة والطفولة بمقابل وليس بالمجان
انتهت
لجنة الخمسين الانقلابية للتعديلات الدستورية من تشويه دستور 2012 بما يخدم ويكرس
مصالح الانقلاب والانقلابيين وضد مصالح وأحلام الشعب وضد أهداف ثورته العظيمة.
ولقد أكدنا
في مقالاتنا الأربعة السابقة علي رفضنا - في حزب الاستقلال وفي التحالف الوطني
لدعم الشرعية ورفض الانقلاب - أكدنا على رفضنا للانقلاب وكل الآثار المترتبة عليه
وفي مقدمتها اللجان الخاصة بتعديل الدستور لأسباب ثلاثة:
1- أن
هذه التعديلات باطلة بنيت على باطل وكل ما بني على باطل فهو باطل، الانقلاب
العسكري باطل وكل ما ترتب عليه من آثار باطل (الحكومة ولجنة العشرة ولجنة الخمسين
وما أنتجته من تعديلات لمواد الدستور باطلة) لأن الانقلاب قام على اغتصاب للسلطة
باستخدام القوة القهرية ضد الشعب والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة خاصة
وأنها بدأت عملها في وقت كنا فيه نلملم أشلاء الشهداء الذين أراق دماءهم جزارو
الانقلاب وحكومته في مذبحتي رابعة والنهضة. ومن هنا فقد أقصى الانقلاب الجميع -
وحتى وإن لم يقصي فإن الجميع رفضوه ورفضوا إعطاءه الشرعية بمشاركتهم - ومن هنا جاء
اختيار من شاركه في إعلان ما سمي بخارطة الطريق أو لجنة العشرة أو لجنة الخمسين،
والتي لم تخضع جميعها لأي معايير سوى معيار الولاء وقبول الانقلاب.
ولقد شملت
لجنة الخمسين قادة "تمرد" الذين تورطوا في التخطيط للانقلاب مع العسكر
بما أسقط عنهم نقاء الحركة كما شملت مخرج الخدع السينمائية - تخصص التصوير من
الطائرات الحربية - وقاد اللجنة أحد رموز مبارك الداعمين لتبعيته واستبداده وفساده
كما اتخذت من زعيم المروجين للانقلاب في الخارج وتسويقه متحدثا رسميا لها، إضافة
إلى رمز جبهة الإنقاذ التي أغرقت مصر في مستنقع الانقلاب "نقيب
المحامين" ، ونقيب الصحفيين المتخلي عن الصحفيين المصابين والمعتقلين لصالح
الانقلاب، ورموز المرأة أصدقاء سوزان مبارك وجمال مبارك. وحتى تأخذ اللجنة مسحة
دينية فلا مانع من بعض ممثلي الأزهر والكنيسة وممثل لحزب النور السلفي الذي كان
يكفر العمل بالسياسة حتى ولج فيها بعد ثورة 25 يناير وغرق حتى قمة رأسه بعد أن
مارسها بانتهازية تتضاءل أمامها انتهازية أعتى الأحزاب المكيافيلية. كما ضم
التشكيل زملاء وأصدقاء نضال وشخصيات كنا نحسن الظن بهم إلا أنهم وافقوا على تجميل
وجه الانقلاب والمشاركة في محاولة إعطائه الشرعية التي يفتقدها.
ورغم
تمثيل حزب النور كمحلل - أقصد كممثل للتيار الإسلامي - فإن قادة الانقلاب عصروا
قدرا كبيرا من الليمون لتمثيله، ولكن شركاؤهم من القوى العلمانية رفضت عصر الليمون
ورفضت تمثيل حزب النور - الذي شاركهم في مباركة الانقلاب - وتعاملت معه كمريض بمرض
معدي، ترجمة لرؤيتها ونواياها في إقصاء التيار الإسلامي من الحياة السياسية ومن
التواجد على أرض مصر إن استطاعوا. وبغض النظر عن رأينا في ممارسات حزب النور لكن
هذا دليل على مبدأ الإقصاء المتجذر عند العلمانيين.
ولأن
قادة الانقلاب يدركون رفض الشعب للانقلاب وكل ما ترتب عليه من آثار ولأنهم جاءوا
بإرادة الانقلاب وليس بإرادة الشعب فإن استقلال لجنة الخمسين لم يكن مضمونا كما
توقعنا.
2- إن كتابة
وتعديل الدستور يجب أن يتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن
يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل
بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعي حاد،
3- ثم
إن لجنة العشرة وتلك التي تبعتها - لجنة الخمسين - عملتا في سرية تامة في صياغة
مواد الدستور المعدلة دون عرض على الشعب - حتى على حلفائهم التابعين للانقلاب.
والغريب في الأمر أنهم لم يكتفوا بالسرية بل لجئوا لأسلوب مباغتة الشعب. منذ
أسبوعين دخلت موقع "لجنة الخمسين" فلم أجد تعديلات الدستور، وأعدت
المحاولة في الأسبوع الماضي ووجدت بعض المواد وبحثت عن مادة وزير الدفاع فوجدتها
تنص على أن "وزير الدفاع هو نفسه القائد العام للقوات المسلحة وأنه يأتي بترشيح وموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة"
ووجدت المادة لا تنص على تعيينه لمدة رئاستين واستغربت الأمر وأدركت أن هناك خدعة.
وصدق حدسي لأباغت كما بوغت الشعب المصري بالصياغة النهائية في اللحظات الأخيرة
لتحصين رئيس الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي من كل جرائمه لمدتين رئاستين
قادمتين. إذن هذه التعديلات لم يتم مناقشتها في حوار مجتمعي جاد لأن الهدف كان
مباغتة هذا الشعب الذي اعتبروه شعبا من الأعداء.
ودعونا
نخصص هذا المقال لقضية الهوية والدين والأخلاق وما نالها من تشويه وتضييع في
التعديلات الانقلابية لدستور 2012.
قضية الهوية
قامت
لجنة الخمسين لتشويه الدستور بتعديل المادة الأولى بالحذف والإضافة، وكان نص
المادة في دستور 2012 (جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة،
ونظامها ديمقراطي. والشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه
لحوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوي، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية)
فأصبح النص . (جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا
ينزل عن شيء منها، نظامها جمهوري ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون. الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على
تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمى إلى القارة الإفريقية، وتعتز
بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية).
أخذت
اللجنة بتوصية وتفسير مخرج أفلام الحب والعشق، مخرج الخدع السينمائية - تخصص
التصوير من الطائرات الحربية - "خالد يوسف" بأن الدول الإسلامية
"عالم" وليست "أمة" وأقول لخالد تلميذ "جو" - يوسف
شاهين - إن الأمة الإسلامية متصلة جغرافيا من إندونسيا وماليزيا وباكستان
وبنجلاديش شرقا حتى المغرب العربي غربا ومن الدول الإسلامية المستقلة عن الاتحاد
السوفيتي شمالا حتى وسط إفريقيا جنوبا، أمة واحدة ذات امتداد جغرافي متصل وتاريخ
وحضارة واحدة، وإذا كانت الأمة العربية قلب الإسلام فإن الأمة الإسلامية هي ظل هذا
القلب. ولكن لأن هناك أرتكاريا من الإسلام فإن السيد خالد يوسف تعامل مع اللجنة
الانقلابية ككومبارس وخفض تمثيل الدول الإسلامية من الأمة إلى العالم.
ولأن
الله أمرنا بالعدل وألا يجرمننا شنآن قوم على أن نعدل، أقول أن هناك إضافة جيدة -
وإن لم تمنع بطلان اللجنة وتعديلاتها - "الشعب المصري جزء من الأمة العربية
يعمل على تكاملها ووحدتها" وكانت موجودة في دستور 1971 وطالبنا بإدراجها في
دستور 2012 ولم يستجب أحد وقتها.
"مصر دولة
مستقلة" لماذا حذفت؟ أتأكدون على تبعية الانقلاب؟
ولأن
الانقلابيون يعلمون تبعيتهم للغرب ولأمريكا تحديدا فقد حذفت كلمة مستقلة من المادة
ولمن لديه تفسير آخر أن يفسر ويبرر.
ولقد
أكد دستور 2012 على خصوصية العلاقة مع دول حوض النيل ولكن هذا لم يلقى هوى عند
لجنة الخمسين الانقلابية فساووا بينها وبين باقي الدول الأفريقية، ولو نظروا لكوب
المياه الذي أمامهم لأدركوا مدى قصر نظرهم ومدى الجرم الذي ارتكبوه، ثم يصدعوا
رؤوسنا ويلقوا بخطاياهم وخطايا تياراتهم ونظمهم التي ضيعت حقوقنا في مياه النيل،
يلقوا بها على الرئيس المنتخب دكتور محمد مرسي الذي لم يدعوه يهنأ يوما بالحكم
ليفكر في هدوء.
يكذبون ويصدقون كذبهم
والعجيب
في الأمر أن اللجنة العشرية وتابعتها الخمسينية اقترحت تعديلات الدستور وهي غارقة
في اللحظة وصدقت الإشاعات التي أطلقها الانقلابيون اتهاما للدكتور مرسي - رئيس
الجمهورية المنتخب - بأنه يتنازل عن الأراضي المصرية فهو يتنازل عن حلايب وشلاتين
للسودان وعن سيناء للفلسطينيين - خاصة المنتمين لحماس - ويتنازل عن قناة السويس
وما حولها لقطر، أطلقوا الإشاعات والأكاذيب ثم صدقوا كذبهم فأضافوا للمادة الأولى
للدستور ولجملة "وهى موحـدة لا تقبل التجزئة" أضافوا جملة "ولا يُتنازل
عن شيء منها" ألم أقل لكم أنهم يكذبون ويصدقون كذبهم. وفي هذا السياق نسأل
رئيس الدولة المؤقت المعين لماذا تنازل لرئيس حكومته عن صلاحيته في حق بيع أراض من
الدولة ونصرخ في وجه رئيس حكومة الانقلاب لماذا لا تصارحنا بحقيقة بيع أراض شرق
وغرب خليج السويس أو إعطاء حق انتفاع لدولة الإمارات لإجهاض مشروع "تنمية محور
قناة السويس" .
دين الدولة
والشريعة الإسلامية وشرائع المسيحيين واليهود
وأبقت
اللجنة على المادة الثانية الخاصة بــ "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية
لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى
للتشريع". ولم تأخذ اللجنة برأي المطرب مدحت صالح الذي أشار إلى أن الدولة
"مباني وطرق" وهذه لا دين لها، مما قد يسبب أزمة مع الفنانين والمبدعين
الذين شاركوا في لجان الاستماع وزرع بذور الفتنة والضغينة بين المطربين والمطربات
الذين لم يستجاب لهم ومخرجي الروائع الذين استجيب لهم.
كما
أبقت اللجنة على المادة الثالثة الخاصة بإقرار مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود
في التشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
ولقد
أشرت في مقالي بالشعب بتاريخ 6 نوفمبر 2012 أثناء عمل الجمعية التأسيسية الثانية -
التي أعدت دستور 2012 في عهد الدكتور مرسي - إلى أن قضية الشريعة الإسلامية في
دستور مصر تعكس حالة الاستقطاب الإسلامي العلماني التي يعيشها المجتمع منذ
السبعينات قبل أن تعكس خلافا حول نص. وكلا الطرفين - الإسلامي والعلماني - لديه
هواجس ومخاوف من الطرف الآخر دون مبررات مادية وحقيقية واضحة. الطرف الإسلامي
يتخوف من محاولات العلمانيين لعلمنة المجتمع وهو تخوف غير قائم، ليس لأن
العلمانيين لا يحاولون ولكن لأن مجتمعنا غير قابل للعلمنة، فالمجتمع المصري مجتمع
متدين بطبيعته ومفتاح شخصيته التدين، مجتمع رفض أن يذوب في الاستعمار ولكنه تفاعل
مع الأديان والرسالات السماوية التي احتضنتها مصر انتهاء برسالة الإسلام ودينه
الحنيف الذي آمن به شعب مصر واستوعبه وكون رؤيته الحضارية الوسطية له من خلال
أزهره الشريف.
والشريعة
الإسلامية مكون رئيسي للشخصية المصرية مسلمين ومسيحيين على السواء كما يقول الزعيم
الوطني المصري مكرم عبيد "أنا مسيحي دينا مسلم وطنا وحضارة"
وتخوف
الإسلاميين في غير موضعه، فكل من حكموا مصر في عهدها الحديث كانوا من العلمانيين
ولم يتمكنوا من علمنة مصر، كما وصل الصدام بين حكامها العلمانيين والتيار الإسلامي
إلى حد التنكيل والسجن والاقتتال وذهب الطغاة وبقي التيار الإسلامي أكثر صلابة
وأكبر قوة وتنظيما. ويتساءل التيار الإسلامي كيف نضمن عدم وصول الطغاة مرة أخرى
إلى سدة الحكم لينكلوا بالتيار الإسلامي؟ الإجابة بأن الضمانة ليست في نص الشريعة
بل في نصوص نظام الحكم والحريات التي تمنع من استئساد الحاكم على شعبه والتي تصون
حرية الشعب التي انتزعها من حاكمه المستبد بثورة 25 يناير المباركة. (لاحظوا هذا الكلام
كتب في أوائل نوفمبر 2012)
وفي
المقابل يتخوف العلمانيون من مواد الشريعة التي قد تحول مصر إلى دولة دينية تحكم
بالحق الإلهي دون مراجعة، وتبتعد بمصر عن مقتضيات العصر، وتحفظهم على الحكومة
الدينية (الثيوقراطية) بمعنى حكم رجال الدين تخوف غير صحيح، فالإسلام لا يعرف
الحكومة الدينية المفوضة من الله والتي تحكم بسلطان الدين لأن الإسلام لا يعرف
الكهنوتية، وليس فيه رجال دين وإنما فيه علماء دين متخصصون، غير معصومين، يصيبون
ويخطئون،.والقاعدة الإسلامية هي تعيين الأكفأ والأقدر على العمل بصرف النظر عن شدة
الورع أو كثرة التدين امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر
المسلمين شيئًا فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله).
ورغم
توضيحنا السابق سيظل العلمانيون على تحفظهم، لذا نود أن نسألهم لماذا لا يقر
العلمانيون بالسلطة للتيار الإسلامي بمرجعيته الإسلامية مع أنهم يقرون بها
للتيارات الليبرالية والقومية والماركسية بمرجعياتهم البشرية؟ أليس ذلك دليلاً على
أنهم يغلبون هوى نفوسهم؟
لا
كهنوت في الإسلام، وعلماء المسلمين وكذلك الحكام ليسوا بمعصومين فهذا أول الخلفاء
الراشدين أبو بكر الصديق يخطب غداة مبايعته بالخلافة (أيها الناس، إني وليت عليكم
ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم
فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم). أين إذن الحكم بالحق الإلهي الذي يتحفظون عليه؟
هواجس
من الطرفين غير مبررة فلقد توافقت الجمعية التأسيسية للدستور - بكل أطيافها - على
بقاء المادة الثانية من الدستور بنصها "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية
لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" ولقد طالبت
بعض التيارات السلفية بإلغاء كلمة مبادئ أو استبدالها بأحكام تخوفا من عمومية
مصطلح "مبادئ" وعدم وجود تحديد واضح للمصطلح، وهو تحفظ صحيح فقد يضيق
العلمانيون من المصطلح ويقصرونه على المبادئ العامة "الحرية والعدل والمساواة
والتمسك بالأخلاق والقيم الرفيعة ..... الخ" وفي المقابل قد يتوسع بعض
الإسلاميين في المصطلح ليشمل كافة الأحكام الإسلامية القطعية والظنية على السواء.
كما أن ترك المصطلح للمحكمة الدستورية غير مبرر طالما أن الجمعية التأسيسية موجودة
وتؤدي عملها كما أن شعب مصر هو الأولى في إقرار مدلول المصطلح بعد الحوار المجتمعي
بين العلماء والفقهاء والقضاة والمتخصصون. ومن هنا فقد أحسنت الجمعية التأسيسية
صنعا بتعريف المصطلح في باب المبادئ العامة - مادة 219 - "مبادئ الشريعة
الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في
مذاهب أهل السنة والجماعة" (انتهى الاقتباس من مقال 6 نوفمبر 2012)
وكما
أشرنا في مقدمة المقال فلقد استجابت لجنة العشرة وتابعتها الخمسينية للحساسية
المرضية لدى الكثير من العلمانيين من الإسلام وقامت بإلغاء المادة 219 الشارحة
للمادة الثانية، وفي ظني المتواضع أن المادة 219 قد توسعت في تفسير المادة الثانية
مما قد يضيق من تفسير الشريعة للكثير من القضايا والمستجدات المعاصرة التي تحتاج
مساحة أكبر من الاجتهاد. وفي ظني المتواضع أن إلغاء المادة 219 ليس هو الخطر
الأكبر، ولكن الخطر الأكبر هو وجود المادة الثانية ووضعها على الرف ومسح التراب
عنها كل فترة وعدم تفعيلها تفعيلا حقيقيا منذ إقرارها بإضافة الألف واللام لكلمة
مصدر في تعديل عام 1981، كما أن الخطر الأكبر هو عدم استقلال الأزهر وتبعيته
الدائمة لسلطان الحاكم، ولو وجد العلماء الثقاة المستقلون ما جرؤ حاكم مستبد وما
جرؤ كاره للإسلام على مخالفة الشريعة أو تهميشها. إن ضمانة الحفاظ على الشريعة
وتطبيقها هي في تدين الشعب وفي وجود العلماء الثقاة المستقلون الذين لا يغريهم ذهب
المعز ولا يخيفهم سيفه.كما نؤكد على أن صاحب الحق الوحيد في الإبقاء على المادة أو
إلغاؤها هو الشعب، وصاحب الحق في الاقتراح هم ممثلو الشعب المنتخبون
تكبيل الأزهر وتحجيمه
وتنص
المادة الرابعة في دستور 2012 على: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة،
يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة
العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة
بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ
الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون".
والمادة الأصلية كانت معيبة ولا تضمن
استقلال الأزهر وشيوخه إلا أن تعديل اللجنة العشرية الانقلابية وتابعتها الخمسينية
زادها سوءا استجابة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين الكارهين للإسلام
في محاولة فاشلة لعلمن الدولة فحذفت عبارة "ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر
الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية" .
لقد كتبنا في مقال 6 نوفمبر 2012 - في
عهد الدكتور مرسي - "وحتى يعود للأزهر الشريف مجده فإننا ننشد استقلال الأزهر
ماليا وإداريا كما هو حال الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية، والنص المقترح لا يحقق
ذلك. صحيح أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية وحكم رجال الدين، وعلماء الإسلام
يصيبون ويخطئون ويؤخذ منهم ويرد عليهم، وربما كان من المفيد أن يعتبر رأى هيئة
كبار العلماء مرجعية أساسية ومعتبرة وليس مجرد أخذ رأي لا قيمة له. وتنص المادة
على أن شيخ الأزهر مستقل وغير قابل للعزل، وهو تأليه للشيخ رغم أن الإسلام لا يعرف
رجال الدين المعصومين فكل يخطئ ويصيب إلا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام
وبالتالي فشيخ الأزهر غير معصوم يخطئ ويصيب ويعزل ولا يؤله باستمراره في موقعه
طوال حياته لأنه غير قابل للعزل كما هو الحال مع النائب العام الآن".
واستقلال الأزهر ليس بالنص على استقلال
شيخه فالصياغة لا تضمن الاستقلال المالي للأزهر الشريف "وتكفل الدولة
الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه" وما دامت الدولة تمول فلن يكون
الأزهر ولا شيخه مستقلين، فإذا خرج الأزهر عن سياسة الدولة فلن توفر الدولة الاعتمادات
المالية الكافية له، والأحق هو أن تعود للأزهر أوقافه حتى نضمن استقلاله أو توقف
الأموال له.
وما زالت مادة الأزهر تحدد علاقة
الأزهر بالدولة في مجال محدود وضيق إذ تقصره على الشئون المتعلقة بالشريعة
الإسلامية وفقط بل إن التعديل الجديد للانقلابيين نزل بها للشئون الإسلامية بدلا
من الشريعة الإسلامية حتى يضمنوا العلمنة الكاملة وبقطعوا علاقة الأزهر بالشريعة.
أي أننا يمكن أن نلخص عيوب مادة الأزهر
في (حصر مهمة الأزهر في نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم
- عدم استقلالية الأزهر ماليا بإعادة أوقافه أو أن يكون له أوقافه بما يضمن
استقلاله ماليا - عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل - النص على اختيار شيخ الأزهر من
بين هيئة كبار العلماء وليس انتخابه بما يضمن تبعية الشيخ للسلطة الحاكمة" ثم
إن الانقلابيين استكثروا عليه أن يكون "رأى هيئة كبار العلماء رأي استشاري وفى
الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية فقط" فحذفوها.
إن هذه المادة أخطر من المادة 219
ولعلنا أدركنا هذا في موقف شيخ الأزهر في موالاة قادة الانقلاب وحضور خطاب
الانقلاب وموالاة مبارك وحزبه الفاسد من قبل، كما أن هيئة كبار العلماء لم تتمكن
من أخذ موقف معلن مغاير لموقف الشيخ نظرا لعدم استقلالية هيئة كبار العلماء.
القيم الأخلاقية والخضوع لجمعيات المرأة
نصت المادة (10) في دستور 2012 على:
"الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع
على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها
الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتكفل الدولة خدمات
الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام. وتولى
الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة" وتم تقسيمها في
التعديل المقترح بين المادتين (10 ، 11)
مادة (10) دستور الانقلاب - " الأسرة أساس المجتمع،
قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ
قيمها" . ونجد أن التعديل المقترح ألغى دور المجتمع في الحرص على الطابع
الأصيل للأسرة المصرية مكتفيا بدور الدولة لأن العلمانيين صوروا دور المجتمع بدور
جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحساسية المرضية التي تحدثنا عنها.
واكتفى التعديل بترسيخ الدولة لقيم الأسرة دون النص على القيم الأخلاقية حمايتها
وفقا للنص الأصلي. إنها فوبيا الأخلاق والدين.
مادة (11) دستور الانقلاب - "تكفل
الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً
مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها
في تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات
والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من
التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة
والمسنة والنساء الأشد احتياجا".
وعبارة المساواة بين المرأة والرجل
مستحدثة ولقد اقترحتها اللجنة العشرية وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية إلا أن فوبيا
الشريعة الإسلامية عند الخمسينية جعلتها وفقا لأحكام الدستور. وهذه قضية القضايا
عندهم والتي لا يرفضها التيار الإسلامي ولكنها الهواجس وأزمة الثقة فلما لا
يتزيدوا رغم أن دستور 2012 نص على الحقوق المتساوية لجميع المواطنين ذكرا كان أو
أنثى (مادة 38 في التعديل - مادة 33 في دستور 2012)
ولم تكتف الخمسينية بالنص على المساواة
في الحقوق السياسية بين الرجل والمرأة فقط فقطعت التورتة ودسترت مبدأ الكوتة
" وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً
مناسبا في المجالس النيابية" ، ليست المجالس النيابية فقط بل أيضا في القضاء.
الدولة هنا تكفل حماية الأمومة والطفولة،
ورعايتها ولكنها تتخلى عن الالتزام بتقديم "خدمات الأمومة والطفولة بالمجان"
وفقا للنص الأصلي بدستور 2012 .
ماذا
نقول؟ للحديث بقية، وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووقانا شرور
الانقلاب العسكري و الانقلابيون ، والحمد لله من قبل ومن بعد
الاثنين 2 ديسمبر 2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق