10/04/2013

ذكرى يوم عزة في تاريخ مصر الحديث


د. مجدي قرقر    

السادس من أكتوبر 1973 م العاشر من رمضان 1394 هـ، ذكرى يوم من أعز أيام مصر في تاريخها الحديث، يوم غسلت فيه مصر عار الهزيمة عن ثوبها الجميل، ست سنوات خرجت فيها مصر من جب الهزيمة إلى عزة الانتصار، يوم لا ينافسه في عزته سوى يوم 25 يناير 2011 ، يوم تحرر فيه الوطن ويوم تحرر فيه الشعب.
وفي ذكرى أكتوبر كل عام وفي ذكرى العاشر من رمضان كنت أبدأ يومي بتهنئة تليفونية لبطل حرب أكتوبر ورئيس أركانها الفريق سعد الدين الشاذلي، وكان الرجل يسعد بالتهنئة في وقت تنكر له الجميع. وفي العام الماضي كانت اللفتة الكريمة من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية - لم يتوقعها أحد - بتكريمه للفريق الشاذلي، وكانت إشارة طيبة من السيد الرئيس بضرورة إعادة كتابة تاريخ حرب أكتوبر بشكلها الحقيقي وإعادة الحق لأصحابه.
ولقد استمعت من الفريق الشاذلي إلى حديث حاول أن يخفي فيه إحساسه بالمرارة لتزييف التاريخ، فذكر أن أولاده ذهبوا إلى بانوراما حرب أكتوبر بمدينة نصر ففوجئوا بالصورة الرئيسية لغرفة عمليات الحرب وصورة مبارك قد تم وضعها مكان صورة الشاذلي بجوار الرئيس السادات وصورة يوسف صبري أبو طالب مكان صورة مبارك في جانب الصورة، مما اضطر أبناءه لرفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري خاصة وهم يمتلكون الصورة الحقيقية فقام المزورون بمعالجة الأمر بتزوير جديد في محاولة لتزوير وتزييف التاريخ.
*****
وفاة الشاذلي ورحيل مبارك
في يوم الجمعة 11 فبراير كانت جنازة الشاذلي بعد صلاة الجمعة من مسجد الصديق أبو بكر بمصر الجديدة وفي المساء كان رحيل مبارك واحتفالنا بالنصر في ميدان التحرير. في نفس يوم رحيل الشاذلي عن دنيانا كان رحيل مبارك عن حكم مصرنا، وشتان مابين الرحيلين.
رحم الله فقيد الأمة رحمة واسعة، كنت في الجنازة وبالقرب من الشيخ المجاهد حافظ سلامة، ولم يحضر من المسئولين سوى محافظ القاهرة وبعض قيادات القوات المسلحة، رحل الشاذلي ونحن نعيش أجواء ثورة شعبنا العظيم

*****
سعد الدين الشاذلي والديمقراطية
أذكر هنا موقفا للمغفور له بإذنه الفريق سعد الدين الشاذلي انتصر فيه للديمقراطية، في عام 1992 فازت جبهة الإنقاذ في الجزائر في الانتخابات التشريعية، وانقلب الجيش على الانتخابات والديمقراطية، وكان الشاذلي لاجئا سياسيا بالجزائر، فطلب منه العسكر إصدار بيان تأييد لهم ضد جبهة الإنقاذ، فرفض الشاذلي أن يقف ضد الديمقراطية رغم التهديد برحيله، ورغم علمه أنه بدخوله مصر سينفذ الحكم بسجنه ثلاث سنوات لإصداره كتاب عن حرب أكتوبر دون مراجعة بتهمة تسريب أسرار عسكرية, وفتحت له تونس وعدة دول أخرى أبوابها، وأبى الشاذلي وجاء إلى مصر ليدخل السجن وليكمل حفظ القرآن به، دخل بطل حرب أكتوبر السجن في نفس الشهر أو الأسبوع الذي أفرج فيه نظام مبارك عن الجاسوس مصراطي وابنته بعد أن بال في المحكمة وأهان مصر وقضاء مصر
*****
سعد الدين الشاذلي والثغرة
أثار البعض بعض الشبهات والأقوال المغلوطة بحق الفريق الشاذلي، لم يطلب الفريق الشاذلي سحب الجيش من شرق القناة كما يدعي البعض، لأن عبور القناة والوصول إلى الممرات كان هدف الحرب الاستراتيجي وقد تحقق ولكنه رفض عبور الممرات لأن القوات البرية كانت تحتاج إلى حماية، وسلاح الطيران كان أضعف ما في القوات المسلحة لضعف إمكانيته مقارنة بإمكانيات العدو، فلا يستطيع حماية القوات البرية، كما أن مدى الدفاع الجوي لحماية القوات البرية لا يتعدى الممرات ولهذا رفض الشاذلي عبورها، وعندما اتخذ السادات قرارا بعبور الممرات بحجة التخفيف عن الجبهة السورية حدثت الثغرة، وحدث ما حدث من حصار للجيش الثالث الميداني
*****
سعد الدين الشاذلي وحرب الخليج
أثناء حرب الخليج الثانية 2003 م دعوت الفريق الشاذلي لحضور صالون ثقافي يعقد في منزلي، ورحب الرجل وطلب مني تجهيز خريطة كبيرة للعراق بتفاصيلها الطبوغرافية والإدارية وكانت أمسية طيبة صال فيها الرجل وجال شارحا السيناريوهات المتوقعة وتفاعل معه الحضور، وفي نهاية الجلسة استأذن الرجل في أن يحتفظ بالخريطة وكانت سعادته كبيرة بالخريطة التي أعادته إلى ما يشبه غرف العمليات التي كان يصول فيها ويجول
عاش الرجل بطلا مجاهدا مؤمنا بقضية وطنه وشرد من أجل قضيته وسجن وعاش زاهدا حافظا للقرآن.
كان صديقا لحزب العمل وكان التواصل معه هبر صديقه الصدوق عضو المكتب السياسي للحزب الإعلامي الكبير محمد أبو الفتوح، ولا أنسى عندما زرته في منزله ورغم أنه كان يقوم ببعض التجديدات به إلا أنه أصر أن يعطيني تبرعا لحزب العمل دون أن نطلب منه.
رحم الله رمز حرب أكتوبر المجيدة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن