9/13/2013

إرهاصات دستور الانقلاب

يوميات فيس بوك
د. مجدي قرقر
كيف يمكن تعديل الدستور في ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعي حاد، وفي ظل اغتصاب للسلطة باستخدام قوة قهرية ضد الشعب؟
قضية الشريعة الإسلامية تعكس حالة الاستقطاب الإسلامي العلماني التي يعيشها المجتمع منذ السبعينات قبل أن تعكس خلافا حول نص دستوري
مصر غير قابلة للعلمنة فرغم أنها لم تذب في الاستعمار إلا أنها احتضنت الأديان والرسالات السماوية لأن شعبها متدين بطبيعته
تعديلات لجان الانقلاب تكبل الأزهر وتحجمه ولا تضمن استقلاله المالي والإداري
فوبيا الأخلاق والدين تصيب الانقلابيين فيلغون مواد حماية الأخلاق ويلغون المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد
أكدنا في مقالنا السابق علي رفضنا - في حزب العمل وفي التحالف الوطني لدعم الشرعية - للانقلاب وكل الآثار المترتبة عليه وفي مقدمتها اللجان الخاصة بتعديل الدستور، وأوضحنا أن كتابة وتعديل الدستور يجب أن يتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق وهو ما لا يمكن تحقيقه الآن في ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعي حاد، وفي ظل اغتصاب للسلطة باستخدام القوة القهرية ضد الشعب والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة كما أننا مازلنا نلملم أشلاء الشهداء الذين أراق دماءهم جزارو الانقلاب وحكومته.
ولأن قادة الانقلاب يدركون رفض الشعب للانقلاب وكل ما ترتب عليه من آثار ولأنهم جاءوا بإرادة الانقلاب وليس بإرادة الشعب فإن استقلال لجنة الخمسين غير مضمون كما كان الوضع بالنسبة "للجنة القانونية العشرية" التي عملت وفقا لتوجيهات قادة الانقلاب والمقترحات المقدمة لها من الأحزاب الديمقراطية المنقلبة على الديمقراطية بتأييدها ودعمها للانقلاب، هذه الأحزاب التي يدللونها باسم "الأحزاب المدنية" والتي تفقد مدنيتها بتأييدها للانقلاب العسكري.
 
إن الانقلاب يقصي الجميع ومن هنا جاء اختيار من شاركه في إعلان ما سمي بخارطة الطريق أو لجنة العشرة أو لجنة الخمسين، والتي لم تخضع جميعها لأي معايير سوى معيار الولاء وقبول الانقلاب. شملت لجنة الخمسين قادة "تمرد" الذين تورطوا في التخطيط للانقلاب مع العسكر بما أسقط عنهم نقاء الحركة، كما شملت مخرج الخدع السينمائية - تخصص التصوير من الطائرات الحربية - "خالد يوسف" وزعيم المروجين للانقلاب في الخارج وتسويقه على أنه ثورة ممثلا لاتحاد الكتاب المصري "محمد سلماوي" ورمز جبهة الإنقاذ التي أغرقت مصر في مستنقع الانقلاب "سامح عاشور "نقيب المحامين" ، ونقيب الصحفيين المتخلي عن الصحفيين الشهداء والمصابين والمعتقلين لصالح الانقلاب "ضياء رشوان" ، ورموز المرأة أصدقاء سوزان مبارك وجمال مبارك، وحتى تأخذ اللجنة مسحة دينية فلا مانع من بعض ممثلي الأزهر والكنيسة والدكتور بسام الزرقا نائب رئيس حزب النور ممثلا للتيار السلفي الذي كان يكفر العمل بالسياسة حتى ولج فيها بعد ثورة 25 يناير وغرق حتى قمة رأسه بعد أن مارسها بانتهازية تتضاءل أمامها انتهازية أعتى الأحزاب المكيافيلية. ولأن حزب النور تم تمثيله كمحلل - أقصد كممثل للتيار الإسلامي - فإن قادة الانقلاب عصروا قدرا كبيرا من الليمون لتمثيله، ولكن شركاؤهم من القوى العلمانية رفضوا عصر الليمون ورفضوا تمثيل حزب النور بالتبعية رغم أنه شاركهم في مباركة الانقلاب، ترجمة لرؤيتها ونواياها في إقصاء التيار الإسلامي من الحياة السياسية ومن التواجد على أرض مصر إن استطاعوا. وبغض النظر عن رأينا في ممارسات حزب النور لكن هذا دليل على مبدأ الإقصاء المتجذر عند العلمانيين. هذا هو المناخ الذي سيتم فيه تعديل أو كتابة الدستور !!!.
كيف ستتعامل لجنة الخمسين الانقلابية مع تعديلات لجنة العشرة الانقلابية؟
اكتفينا في المقال السابق بقراءة سريعة للتعديلات التي أشارت إليها الصحف بعد إنهاء لجنة العشرة القانونية الانقلابية لعملها، وأوضحنا أن التعديلات المتوقعة تصب في استعادة نظام مبارك الذي ثار ضده الشعب المصري في ثورة 25 يناير المجيدة، فلقد فتحت بابا واسعا لإعادة النظام الرئاسي الشمولي الذي حكمنا لعقود طويلة بتوسيع صلاحياته مرة أخرى بعد الحد منها في دستور 2012 وهاهي الانتخابات الداخلية للجنة التعديلات الانقلابية تسفر عن انتخاب رمز من رموز نظام مبارك رئيسا للجنة
دعونا نتساءل كيف ستتعامل لجنة الخمسين الانقلابية مع تعديلات لجنة العشرة الانقلابية؟ ومع الإجابة سنناقش الأمر بشكل أكثر تفصيلا.
قضية الهوية - يكذبون ويصدقون كذبهم
قامت اللجنة باقتراح تعديل المادة الأولى بالحذف والإضافة، وكان نص المادة في دستور 2012 (جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطي. والشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوي، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية) فقامت اللجنة العشرية الانقلابية بحذف عبارة (ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوي، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية) وهي من المعلوم بضرورة ولن تضيف أو تضر كثيرا.
لكن العجيب في الأمر أن اللجنة العشرية اقترحت تعديلات الدستور وهي غارقة في اللحظة وصدقت الإشاعات التي أطلقها الانقلابيون اتهاما للدكتور مرسي - رئيس الجمهورية المنتخب - بأنه يتنازل عن الأراضي المصرية فهو يتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان وعن سيناء للفلسطينيين - خاصة المنتمين لحماس - ويتنازل عن قناة السويس وما حولها لقطر، أطلقوا الإشاعات والأكاذيب ثم صدقوا كذبهم فأضافوا للمادة الأولى للدستور (وهى موحـدة لا تقبل التجزئة، ولا يُتنازل عن شيء منها).
وأبقت اللجنة على المادة الثانية الخاصة بالإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. كما أبقت على المادة الثالثة الخاصة بإقرار مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود في التشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
ولقد أشرت في مقالي بالشعب بتاريخ 6 نوفمبر 2012 أثناء عمل الجمعية التأسيسية إلى أن قضية الشريعة الإسلامية في دستور مصر تعكس حالة الاستقطاب الإسلامي العلماني التي يعيشها المجتمع منذ السبعينات قبل أن تعكس خلافا حول نص. وكلا الطرفين - الإسلامي والعلماني - لديه هواجس ومخاوف من الطرف الآخر دون مبررات مادية وحقيقية واضحة. الطرف الإسلامي يتخوف من محاولات العلمانيين لعلمنة المجتمع وهو تخوف غير قائم، ليس لأن العلمانيين لا يحاولون ولكن لأن مجتمعنا غير قابل للعلمنة، فالمجتمع المصري مجتمع متدين بطبيعته ومفتاح شخصيته التدين، مجتمع رفض أن يذوب في الاستعمار ولكنه تفاعل مع الأديان والرسالات السماوية التي احتضنتها مصر انتهاء برسالة الإسلام ودينه الحنيف الذي آمن به شعب مصر واستوعبه وكون رؤيته الحضارية الوسطية له من خلال أزهره الشريف.
والشريعة الإسلامية مكون رئيسي للشخصية المصرية مسلمين ومسيحيين على السواء كما يقول الزعيم الوطني المصري مكرم عبيد "أنا مسيحي دينا مسلم وطنا وحضارة"
وتخوف الإسلاميين في غير موضعه، فكل من حكموا مصر في عهدها الحديث كانوا من العلمانيين ولم يتمكنوا من علمنة مصر، كما وصل الصدام بين حكامها العلمانيين والتيار الإسلامي إلى حد التنكيل والسجن والاقتتال وذهب الطغاة وبقي التيار الإسلامي أكثر صلابة وأكبر قوة وتنظيما. ويتساءل التيار الإسلامي كيف نضمن عدم وصول الطغاة مرة أخرى إلى سدة الحكم لينكلوا بالتيار الإسلامي؟ الإجابة بأن الضمانة ليست في نص الشريعة بل في نصوص نظام الحكم والحريات التي تمنع من استئساد الحاكم على شعبه والتي تصون حرية الشعب التي انتزعها من حاكمه المستبد بثورة 25 يناير المباركة. (لاحظوا هذا الكلام كتب في أوائل نوفمبر 2012)
وفي المقابل يتخوف العلمانيون من مواد الشريعة التي قد تحول مصر إلى دولة دينية تحكم بالحق الإلهي دون مراجعة، وتبتعد بمصر عن مقتضيات العصر، وتحفظهم على الحكومة الدينية (الثيوقراطية) بمعنى حكم رجال الدين تخوف غير صحيح، فالإسلام لا يعرف الحكومة الدينية المفوضة من الله والتي تحكم بسلطان الدين لأن الإسلام لا يعرف الكهنوتية، وليس فيه رجال دين وإنما فيه علماء دين متخصصون، غير معصومين، يصيبون ويخطئون،.والقاعدة الإسلامية هي تعيين الأكفأ والأقدر على العمل بصرف النظر عن شدة الورع أو كثرة التدين امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله).
ورغم توضيحنا السابق سيظل العلمانيون على تحفظهم، لذا نود أن نسألهم لماذا لا يقر العلمانيون بالسلطة للتيار الإسلامي بمرجعيته الإسلامية مع أنهم يقرون بها للتيارات الليبرالية والقومية والماركسية بمرجعياتهم البشرية؟ أليس ذلك دليلاً على أنهم يغلبون هوى نفوسهم؟
لا كهنوت في الإسلام، وعلماء المسلمين وكذلك الحكام ليسوا بمعصومين فهذا أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق يخطب غداة مبايعته بالخلافة (أيها الناس، إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم). أين إذن الحكم بالحق الإلهي الذي يتحفظون عليه؟
هواجس من الطرفين غير مبررة فلقد توافقت الجمعية التأسيسية للدستور - بكل أطيافها - على بقاء المادة الثانية من الدستور بنصها "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" ولقد طالبت بعض التيارات السلفية بإلغاء كلمة مبادئ أو استبدالها بأحكام تخوفا من عمومية مصطلح "مبادئ" وعدم وجود تحديد واضح للمصطلح، وهو تحفظ صحيح فقد يضيق العلمانيون من المصطلح ويقصرونه على المبادئ العامة "الحرية والعدل والمساواة والتمسك بالأخلاق والقيم الرفيعة ..... الخ" وفي المقابل قد يتوسع بعض الإسلاميين في المصطلح ليشمل كافة الأحكام الإسلامية القطعية والظنية على السواء. كما أن ترك المصطلح للمحكمة الدستورية غير مبرر طالما أن الجمعية التأسيسية موجودة وتؤدي عملها كما أن شعب مصر هو الأولى في إقرار مدلول المصطلح بعد الحوار المجتمعي بين العلماء والفقهاء والقضاة والمتخصصون. ومن هنا فقد أحسنت الجمعية التأسيسية صنعا بتعريف المصطلح في باب المبادئ العامة "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة" ووفقا لبيان جماعة الإخوان المسلمين الصادر في 31 أكتوبر الماضي فإن المقصود بأدلتها الكلية كل ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة، والمقصود بالقواعد الأصولية والفقهية: القواعد المستنبطة من عموم الأدلة الشرعية التي لا اختلافَ عليها والتي تحقق مقاصد الشريعة، والمقصود بالمصادر المعتبرة: القرآن والسنة والإجماع والقياس، وبهذه المادة ينقطع الجدل الدائر حول تفسير مبادئ الشريعة بشكل كامل. وبهذا التفسير الدستوري لن يكون هناك محلا لتأويل مصطلح مبادئ الشريعة لا من قبل أي من التيارات ولا من قبل المحكمة الدستورية. (انتهى الاقتباس من مقال 6 نوفمبر 2012)
وكما أشرنا في مقدمة المقال فلقد استجابت لجنة العشرة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين من الإسلام وقامت بإلغاء المادة 219 الشارحة للمادة الثانية، وفي ظني المتواضع أن المادة 219 قد توسعت في تفسير المادة الثانية مما قد يضيق من تفسير الشريعة للكثير من القضايا والمستجدات المعاصرة التي تحتاج مساحة أكبر من الاجتهاد. وفي ظني المتواضع أن إلغاء المادة 219 ليس هو الخطر الأكبر، ولكن الخطر الأكبر هو وجود المادة الثانية ووضعها على الرف ومسح التراب عنها كل فترة وعدم تفعيلها تفعيلا حقيقيا منذ إقرارها بإضافة الألف واللام لكلمة مصدر في تعديل عام 1981، كما أن الخطر الأكبر هو عدم استقلال الأزهر وتبعيته الدائمة لسلطان الحاكم، ولو وجد العلماء الثقاة المستقلون ما جرؤ حاكم مستبد وما جرؤ كاره للإسلام على مخالفة الشريعة أو تهميشها. إن ضمانة الحفاظ على الشريعة وتطبيقها هي في تدين الشعب وفي وجود العلماء الثقاة المستقلون الذين لا يغريهم ذهب المعز ولا يخيفهم سيفه.كما نؤكد على أن صاحب الحق الوحيد في الإبقاء على المادة أو إلغاؤها هو الشعب، وصاحب الحق في الاقتراح هم ممثلو الشعب المنتخبون
تكبيل الأزهر وتحجيمه
وتنص المادة الرابعة في دستور 2012 على: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون".
والمادة الأصلية كانت معيبة ولا تضمن استقلال الأزهر وشيوخه إلا أن تعديل اللجنة العشرية الانقلابية زادتها سوءا استجابة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين الكارهين للإسلام
لقد كتبنا في مقال 6 نوفمبر 2012 "وحتى يعود للأزهر الشريف مجده فإننا ننشد استقلال الأزهر ماليا وإداريا كما هو حال الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية، والنص المقترح لا يحقق ذلك. صحيح أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية وحكم رجال الدين، وعلماء الإسلام يصيبون ويخطئون ويؤخذ منهم ويرد عليهم، وربما كان من المفيد أن يعتبر رأى هيئة كبار العلماء مرجعية أساسية ومعتبرة وليس مجرد أخذ رأي لا قيمة له. وتنص المادة على أن شيخ الأزهر مستقل وغير قابل للعزل، وهو تأليه للشيخ رغم أن الإسلام لا يعرف رجال الدين المعصومين فكل يخطئ ويصيب إلا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وبالتالي فشيخ الأزهر غير معصوم يخطئ ويصيب ويعزل ولا يؤله باستمراره في موقعه طوال حياته لأنه غير قابل للعزل كما هو الحال مع النائب العام الآن.
واستقلال الأزهر ليس بالنص على استقلال شيخه فالصياغة لا تضمن الاستقلال المالي للأزهر الشريف "وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه" وما دامت الدولة تمول فلن يكون الأزهر ولا شيخه مستقلين، فإذا خرج الأزهر عن سياسة الدولة فلن توفر الدولة الاعتمادات المالية الكافية له، والأحق هو أن تعود للأزهر أوقافه حتى نضمن استقلاله أو توقف الأموال له وفقا للمادة 22 المستحدثة.
وما زالت المادة الرابعة تحدد علاقة الأزهر بالدولة في مجال محدود وضيق إذ تقصره على الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية وفقط، وتضيق على كبار العلماء بحصر اجتهادهم في مذاهب أهل السنة والجماعة في حين أن مساحة الاجتهاد في الإسلام أوسع وأرحب. هل ستأخذ الجمعية التأسيسية النص المقترح وتلقي به في سلة المهملات - كما فعلت من قبل - ويكفيها أنها فتحت الباب لتستمع دون أن تتحاور ودون أن تستجيب؟. "انتهى الاقتباس من مقال 6 نوفمبر 2012.
أي أننا يمكن أن نلخص عيوب المادة الأصلية في (حصر مهمة الأزهر في نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم - رأى هيئة كبار العلماء رأي استشاري وفى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية فقط - عدم استقلالية الأزهر ماليا بإعادة أوقافه أو أن يكون له أوقافه بما يضمن استقلاله ماليا - عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل - النص على اختيار شيخ الأزهر من بين هيئة كبار العلماء وليس انتخابه بما يضمن تبعية الشيخ للسلطة الحاكمة" .
وإذا كان لنا تحفظات على أصل المادة فإن اللجنة استجابت للبعض ممن لديهم حساسية من الإسلام ، فقامت بحذف عبارات "فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه" لتضيف عيوبا جديدة إلى العيوب السابقة يمكن أن نلخصها في (قصر دور الأزهر على مصر - عدم النص على أخذ رأى هيئة كبار العلماء حتى في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية - تحلل الدولة من كفالة الاعتمادات المالية الكافية للأزهر لتحقيق أغراضه إضافة إلى عدم السماح له بأن تكون له أوقافه الخاصة)
إن هذه المادة أخطر من المادة 219 ولعلنا أدركنا هذا في موقف شيخ الأزهر في موالاة قادة الانقلاب وموالاة حسني مبارك وحزبه الفاسد من قبل، كما أن هيئة كبار العلماء لم تتمكن من أخذ موقف معلن مغاير لموقف الشيخ نظرا لعدم استقلالية هيئة كبار العلماء.
القيم الأخلاقية
نصت المادة (10) في دستور 2012 على: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام. وتولى الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة" وتم تقسيمها في التعديل المقترح بين ثلاث مواد (10 ، 11 ، 12)
مادة (10) - "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية.  وتحرص الدولة على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية" . ونجد أن التعديل المقترح ألغى دور المجتمع في الحرص على الطابع الأصيل للأسرة المصرية مكتفيا بدور الدولة لأن العلمانيين صوروا دور المجتمع بدور جماعات الأمر بالمعوف والنهي عن المنكر، الحساسية المرضية التي تحدثنا عنها. واكتفى التعديل بترسيخ الدولة لقيم الأسرة الأخلاقية دون النص على حمايتها وفقا للنص الأصلي.
مادة (11) - تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، ورعايتها، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها فى المجتمع، ومساواتها بالرجال فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية .
الدولة هنا تكفل حماية الأمومة والطفولة، ورعايتها ولكنها تتخلى عن الالتزام بتقديم "خدمات الأمومة والطفولة بالمجان" وفقا للنص الأصلي بدستور 2012 ، ثم يضيف التعديل "ومساواتها بالرجال فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية" وهذه قضية القضايا عندهم والتي لا يرفضها التيار الإسلامي ولكنها الهواجس وأزمة الثقة فلما لا يتزيدوا رغم أن الدستور ينص على الحقوق المتساوية لجميع المواطنين ذكرا كان أو أنثى (مادة 38 في التعديل - مادة 33 في دستور 2012)
مادة (12) "وتولى الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة" بدون تغيير.
فوبيا الأخلاق والدين
ونظرا للحالة المتفاقمة وازدياد حدة مرض "فوبيا الأخلاق والدين" سواء كان دينا إسلاميا أو مسيحيا وتغلب قيم الحرية غير المنضبطة بقيم وأخلاق المجتمع وطهارة اليد ورفض الفساد الدفاع  فلقد تكرمت اللجنة باقتراح حذف المواد التالية:
11 - ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخى والحضارى للشعب؛ وذلك وفقا لما ينظمه القانون.
44 - تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة. (تم حذفها)
204 - تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التى يحددها القانون. (تم حذفها)
ماذا نقول؟ إنهم يتسترون على الفساد ويريدون له أن يترعرع في بيئة الانقلاب؟ إنهم يعلون من دستور آل لوط "فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" النمل 56
ماذا نقول؟ وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووقانا شرور الانقلاب العسكري و الانقلابيون ، والحمد لله من قبل ومن بعد

الاثنين 9 سبتمبر 2013

 



0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن