دكتور مجدي قرقر
تعرضنا في مقال 23 إبريل 2013 لأسباب تفجر أزمة
القضاء عقب الحكم بإطلاق سراح الرئيس المخلوع بعد حبسه احتياطيا لما يزيد على
العامين في قضية قتل المتظاهرين، وما سبقه من براءات متعددة ومتتابعة لرموز النظام
السابق وضباط الشرطة في جرائم قتل الثوار، والذي أطلق عليه سخرية "مهرجان
البراءة للجميع" وتخوف الشعب من ضياع الثورة من يده. وأجبنا على سؤال: لماذا
خرج الشعب مناديا بتطهير القضاء وإصلاح منظومته؟ ورصدنا عشرة أسباب:
1- إهدار دماء الثوار والمصابين.
2- ضياع أموال مصر المنهوبة.
3- تورط بعض القضاة في قضايا فساد.
4- ضرب استقلال القضاء بتهريب المتهمين الأمريكان.
5- ضرب استقلال القضاء بالاستقواء بالخارج.
6- ضرب استقلال القضاء بقبول تدخل الدولة وبالاستقواء
بغير القضاة وبالعسكر.
7 - ضرب استقلال القضاء بممارسة بعض القضاة
والهيئات القضائية للسياسة.
8- التورط في تزوير الانتخابات.
9- شيوع المحسوبية والواسطة في تعيينات النيابة
والقضاء.
10 - ضعف التشريعات التي مكنت من هروب المتهمين
وأموالهم أو إطلاق سراحهم.
ولكن الأمر تصاعد في الأيام الأخيرة والسابقة
لصراع سياسي متوقع مع أحداث 30 يونيو القادم - كما أشرنا في مقال الثلاثاء 26
يونيو 2013
( حكم محكمة استئناف القاهرة بخصوص منصب النائب العام لصالح المستشار
عبد المجيد محمود - حكم محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، برئاسة المستشار خالد
المحجوب، بإحالة ملف قضية فتح سجن وادي النطرون إلى النيابة العامة؛ للتحقيق في
ضلوع حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المسلمين، في اقتحام سجون مصر، وكلفت النيابة
العامة بالتحقيق مع 34 قيادة إخوانية ، هاربين من سجن وادي النطرون بينهم الرئيس
محمد مرسي بتهم التخابر واقتحام السجون والإرهاب وقتل 13 سجينًا في السجن
والاعتداء على القوات وسرقة أسلحة وذخائر.- وفي مفاجأة غير متوقعة، قررت اللجنة العليا للانتخابات
الرئاسية المصرية، نظر الطعن المقدم من المرشح السابق أحمد شفيق ضد نتائج الانتخابات
التي فاز بها محمد مرسي وحددت اللجنة يوم الثلاثاء 25 يونيو للنظر في الطعن) هل
كان من الممكن قراءة كل ذلك قبل 30 يونيو بعيدا عن الأحداث التي كانت متوقعة في هذا
اليوم.وتساءلنا في مقال 26 يونيو أليس هذا انغماسا للقضاء في السياسة والتحيز لأحد
الأطراف المتصارعة سياسيا في توقيت يخدم تحركهم؟ وسألنا رئيس محكمة جنح مستأنف
الإسماعيلية هل كان الدكتور / محمد مرسي وصحبه محبوسا في قضية مشينة للشرف أم
متحفظ عليهم لموقفهم السياسي؟ وهل كانوا محبوسين في سجون الثورة أم سجون مبارك
الذي انتفضت ضده الثورة؟
وتصاعدت الأحداث بعد 30 يونيو 2013 واعتلى أعضاء
اللجنة القانونية الدائمة للدفاع عن القضاة وسيادة القانون منصة ميدان التحرير يوم 30 يونيو كما شارك رئيس المجلس الأعلى
للقضاء المستشار / حامد عبد الله في حفل تدشين الانقلاب مع شيخ الأزهر وبابا
الكنيسة الأرثوذكسية وآخرين. أليس اعتلاء القضاة عملا بالسياسة في ظل حالة
الانقسام التي تعيشها البلاد؟ ثم أليست مشاركة رئيس المجلس الأعلى للقضاء توريطا لأعلى
منصب قضائي في العمل بالسياسة
وقبل أن تمر ثلاثة أسابيع على دعم المستشارين
السابق الإشارة إليهم للانقلاب طالب مجلس القضاء الأعلى، برئاسة رئيسه - الذي حضر
وقائع إعلان الانقلاب - طالب وزير العدل بانتداب قاض للتحقيق مع اعضاء حركه
"قضاه من اجل مصر" في البلاغات والشكاوي المقدمه ضدهم من عدد من القضاة
لارتكابهم أعمالا تبتعد عن العمل القضائي وحيده ونزاهة القضاة والتي جاء فيها أن "اعضاء حركة قضاه من أجل مصر" ينتمون إلى
فصيل سياسي معين" ويتدخلون في العمل السياسي ويبدون آرائهم في القضايا
السياسية وانضموا لاعتصام أنصار
الرئيس المعزول محمد مرسي في منطقه رابعة العدوية، وطالبوا بعودته وهو ما يخالف
العرف والقوانين المنظمة لأعمال السلطة القضائية. وبافتراض
صحة الاتهامات السابقة فماذا عن المستشارين الذين اعتلوا منصة التحرير مع
"تمرد و الإنقاذ" أم أن ميزان العدالة يحتاج إلى إعادة معايرة؟
ولم يقتصر الأمر على "اعضاء حركة
قضاه من أجل مصر" فلقد طالب مجلس القضاء الأعلى - وفقا لبوابة اهرم في نفس
التاريخ 23 يوليو - طالب وزير العدل بندب قاضٍ للتحقيق في الشكوى المقدمة ضد ٧٥
قاضيًا من تيار الاستقلال لإصدارهم بيانا
يتضمن خوضا في العمل السياسي وعرض نتائج التحقيقات بمذكره علي المجلس، ليس هذا فقط
فقد أوضح مصدر قضائي أن التحقيق يشمل من أنكر من القضاة توقيعهم علي هذا البيان أو
من قرر رفع توقيعه منه، هل هكذا يعامل القضاة؟
ثم نتحدث عن استقلال القضاء؟
ولم ينتظر مجلس إدارة نادي قضاه مصر نتائج
التحقيقات فأصدر قرارا بشطب "قضاه تيار
الاستقلال الــ 75" من عضوية الجمعية العمومية لنادي قضاه مصر بالمخالفة لكل
الأعراف المهنية والقضائية، لإصدارهم بيانا في منصة رابعة العدوية يتضمن خوضا في
العمل السياسي ومناصره لفصيل سياسي بعينه. ونتساءل هنا وبماذا نسمي ما كان يقوم به المستشار أحمد الزند رئيس النادي
طوال فترة حكم الدكتور مرسي؟
وفي رد فعل معاكس قام "قضاة من أجل مصر"
برفع دعاوى قضائية ضد "لجنة الدفاع عن القضاة" وصرح المستشار "رواد
فاروق حما" المتحدث الرسمى باسم لجنة الدفاع عن القضاة بأن اللجنة ستقوم
باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أعضاء حركة قضاة من أجل مصر بتهمة البلاغ الكاذب في
حالة بدء التحقيق مع أعضاء لجنة الدفاع عن القضاة. وأكد "حما" أن القضاة الذين شاركوا في ثورة 30 يونيو شاركوا
بصفتهم الشخصية , وليست القضائية مشيرا أنه لم يعتلِ المنصة كما تزعم الحركة , وأن الاتهامات الخاصة بانضمامهم لحركة تمرد عارية
تماما من الصحة.
وفى أول تعليق له وصف المستشار محمد عبد الهادى
عضو مجلس إدارة نادى القضاة العام أن هذا البلاغ قدمه أعضاء حركة قضاة من أجل مصر
بعد أن قرر مجلس القضاء الأعلى ندب قاض للتحقيق معهم بتهمة المشاركة في اعتصام
رابعة العدوية, والدعوة للمشاركة فيه, والتحريض على أعمال العنف. وأوضح عبد الهادى
أن القضاة الذين وقفوا على منصة ميدان التحرير يوم ثورة 30 يونيو أعلنوا أنهم مع
إرادة الشعب, ولم يكن في ذلك أدنى انحياز لتيار, أو فصيل أو حزب سياسي بل كان
انحيازاً للشعب مصدر كل السلطات .ألا ترون أن ميزان
العدالة يحتاج إلى إعادة معايرة؟
وكان نادى القضاة قد تقدم بمذكرة إلى مجلس القضاء
الأعلى طالب فيها بإجراء التحقيقات مع أعضاء حركة قضاة من أجل مصر والذين وقعوا
على بيان وصفوا ثورة 30 يونيو بالانقلاب العسكرى. ويالها من جريمة كيف يقيمون الأحداث تقييما مخالفا
لتقييم رئيس النادي المستشار أحمد الزند؟
وقد أكدت جبهة "استقلال القضاء لرفض
الانقلاب" في بيان لها- أن النيابة العامة باتت في محنة شديدة تحت ولاية النائب
العام هشام بركات في ظل غياب دور النيابة العامة في التفتيش على المعتقلات، ووقف
الانتهاكات المتواصلة فيها ضد معارضي الانقلاب التي وصلت للتعذيب حتى الموت، وفي
ظل إصرار النيابة العامة على تحويل قيادات ثورة الشرعية والكرامة كمتهمين في جرائم
قتل انصارهم!! وترك الجناة من
قادة الانقلاب طلقاء دون عقاب، رغم أنهم المسئولون الحقيقيون عن كل الجرائم، في
ضوء الأدلة والقرائن وشهادة الشهود والأحداث.
لقد قدم المستشار يحيى الرفاعي المحامى والرئيس
الشرفى لنادى القضاة استقالته من نقابة المحامين عام 2000 احتجاجا على ما وصفه
بالتدخلات الخطيرة فى أعمال القضاء معنونا الاستقالة بـ "أنعى إليكم العدالة
فى مصر" .. "الحكومة تصادر السلطة القضائية ووزارة العدل تتدخل فى قضايا
الرأى العام.
إن سلطة مبارك التنفيذية تغولت على كلا السلطتين
القضائية والتشريعية، وأن جذور التغول على السلطة القضائية ترجع إلى عام 1943 وإن
تفاقمت بعد 1952 ، إن استقلال القضاء ضمانة لمصر واستقلالها واستقرارها فهل نستمر
في التفريط فيه؟






0 التعليقات:
إرسال تعليق