8/11/2013

العشوائيات. قنبلة موقوتة!

المصدر: الأهرام اليومى
11 أغسطس 2013

بقلم:   عبدالعزيز محمود

في مصر الآن 1177 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية وفقا لاحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء وتشكل قنابل موقوتة قابلة في أي لحظة للانفجار! الأرقام الرسمية تقول إن 39% من سكان مصر يعيشون في العشوائيات محرومون من أبسط حقوقهم الآدمية وفي مقدمتها الحق في المياه النقية ورغيف العيش. الخطير أن العشوائيات تمثل 40% من العمران وتشكل بتركيبتها المتهالكة اوكارا للجريمة والبلطجة والمخدرات وتجارة السلاح كما يقطنها شريحة كبيرة من الفقراء ومحدودى الدخل. المشكلة لم تظهر في يوم وليلة وانما كانت نتيجة للزيادة السكانية والهجرة من الريف وتناقص عرض الوحدات السكنية منخفضة التكاليف وهي بحاجة الى 100 مليار جنيه لمعالجتها خلال فترة لا تقل عن عشر سنوات.
والسؤال المطروح ما ابعاد كارثة العشوائيات التي أصبحت في ظل الازمة السياسية الراهنة بؤرا للفوضى والجريمة والخروج على القانون؟ 

أحدث دراسة اعدها برنامج الامم المتحدة الانمائي بالتعاون مع الهيئة العامة للتخطيط العمراني تقول ان القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية) تستحوذ على 59% من العشوائيات يليها الوجه البحري بنسبة 30% في حين يضم الصعيد والمناطق الصحراوية 5% من العشوائيات.
في عام 1993 قامت الدولة باجراء اول حصر للعشوائيات كما يقول الدكتور سيد أحمد سرحان استاذ التخطيط بكلية الهندسة اثبت ان القاهرة تضم 81 منطقة عشوائية تحتاج جميعها الى نقلها الى مناطق جديدة مخططة مع تحويلها الى مناطق انتاجية.
التقارير الرسمية اكدت ان هناك 1099 منطقة عشوائية خطيرة وغير آمنة تحتاج الى 4 مليارات جنيه لاعادة تأهيلها خلال عشر سنوات لكن نقص التمويل يمثل عقبة كبيرة في هذا الصدد، ورغم التعاون الراهن بين الحكومة وهيئة اليونيسيف ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
التحدي الثاني هو رفض سكان العشوائيات لاعادة توطينهم، لدرجة انه في الحالات التي تم تخصيص مساكن جديدة وصرف تعويضات قام سكان العشوائيات بالعودة الى مناطقهم الاصلية.
العشوائيات يمكن تقسيمها كما يوضح عاصم الزار رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني الى مناطق غير آمنة تشمل المناطق المهددة للحياة وغير الآدمية والمهددة للصحة العامة، بالاضافة الى المناطق غير المخططة.
الارقام الرسمية تقول انه من بين 420 منطقة عشوائية مهددة للحياة تمت ازالة 51 منطقة منها على مستوى الجمهورية ويجرى ازالة 71 منطقة أخرى ومنح تراخيص هدم واعادة بناء لـ102 منطقة اخرى وصرف تعويضات مناسبة لسكانها.
اما العشوائيات غير المخططة فتشكل تحديا حقيقيا لانتشارها على أطراف المدن حيث يعيش قاطنوها في بيوت عبارة عن غرف صغيرة مساحتها لاتزيد على 3 أمتار مربعة يحاصرهم طوفان الصرف الصحي. كما تضم العشوائيات المناطق السكنية داخل المقابر التي تعاني من نقص الخدمات الأساسيّة، وانتشار التلوّث البيئيّ، وارتفاع الكثافة السكانيّة، والافتقار إلى شبكة الطّرق.
أحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية يؤكد ان العشوائيات تضم ايضا آلاف المواطنين الشرفاء الذين اضطرتهم ظروفهم الصعبة للاقامة فيها، وكما يقول سليل شيتي الامين العام للمنظمة فان عدد هؤلاء يتجاوز 19مليون نسمة، وهو رقم غير دقيق لعدم وجود اوراق رسمية (شهادات ميلاد او بطاقات رقم قومي لغالبية المقيمين هناك).
في رأي الدكتور سليمان عبدالرحمن استاذ التخطيط العمراني بجامعة اسيوط فان نسبة ما تم تطويره من الـ1177 منطقة عشوائية لا يتجاوز 5% رغم ان مشروعات التطوير بدأت منذ التسعينيات في ظل تدفق منح خارجية كبيرة لكن النتائج لم تكن على المستوي المطلوب.
عشوائيات القاهرة وحدها في تقدير الدكتور سليمان تحتاج الى 85 مليار جنية لتطويرها بشرط توافر الارادة السياسية والشفافية والتمويل، وإنشاء وزارة للعشوائيات تتولي مسئولية الاشراف على صندوق تطوير العشوائيات وايجاد مصادر تمويل ثابتة له في القاهرة وحدها 85 منطقة عشوائية يعيش فيها حوالي 10 ملايين نسمة، معظم هذه المناطق بحاجة الى ازالة واعادة بناء او نقل سكانها الى اماكن بديلة ثم هدمها، خاصة وان معظم هذه المناطق اصبحت بؤرا للجريمة والعنف والمخدرات.
الحكومات المتعاقبة مسئولة عن هذا الوضع نتيجة اهمال المشكلة، مما حول هذه المناطق الى الى قنابل موقوتة تمثل بيئة خصبة للادمان والتطرف وتجارة المخدرات والسلاح والتطرف.
اشهر عشوائيات القاهرة: عزبة وهبة وحكر قشقوش ومحمد على بحى الساحل، وعزبة أبوحشيش بحدائق القبة، وحكر السكاكينى بحى الشرابية (شمال القاهرة) ومنشأة ناصر التي تضم عزبة بخيت والدويقة وقايتباى وبرقوق (شرق القاهرة) وتل العقارب والمواردى وعزبة أبوقرن بمصر القديمة والسيدة زينب
اما في الجيزة فهناك 36 منطقة عشوائية أشهرها: عشش السكة الحديد، ودير الناحية بالدقي وعزبة حرب، وقميشة، وزينين ببولاق الدكرور وسن العجوز بالهرم وحكر عباس والجزارين بالوراق وعزبة البحبوحي بالعمرانية وبين السرايات القديمة ورابعة ساقية مكي والزبالين بالعجوزة
صندوق تطوير المناطق العشوائية اعد خريطة لهذه المناطق والكلام لخالد عبدالعزيز جبرتى، المدير التنفيذى للصندوق كشفت عن وجود 420 منطقة عشوائية غير آمنة على مستوى الجمهورية منها 26 منطقة مهددة للحياة و259 منطقة سكن غير ملائم و65 منطقة مهددة للصحة العامة و19 منطقة حيازات غير مستقرة.
وقد حدد القانون 119 لسنة 2008 المناطق المطلوب اعادة تخطيطها وأولاها التي تتميز يالكثافة السكانية العالية وتهالك مبانيها ونقص الخدمات والمرافق وعدم انتظام الشوارع وتدني مستوى المعيشة وانتشار الفقر والامية والمشكلات الاجتماعية وتدهور الاوضاع الامنية والبيئية . باعتراف الدكتور مجدى قرقر - رئيس قسم التخطيط البيئى والبنية الأساسية بكلية التخطيط العمرانى، جامعة القاهرة فان مشكلة العشوائيات تفاقمت نتيجة تركيز الاستثمارات في العاصمة والمدن الكبرى وتراجع الدولة عن اقامة المساكن لمحدودي الدخل مما دفع الفقراء ومحدودي الدخل للسكن في هذه المناطق لرخص اسعار مساكنها!
والمطلوب الآن اجراء مسح دقيق لكل منطقة عشوائية وفقا لطبيعتها تمهيدا لازالتها او تطويرها او إدخالها داخل كردون المدن أو خلخلة هذه المناطق لإحداث توسعات تمكّن من إدخال المرافق لها مع تقليل كثافتها السكانية تدريجياً بنقل سكانها إلى مناطق التنمية الجديدة.
لكن الحقيقة المؤكدة أن حل مشكلة العشوائيات سوف يستغرق وقتا رغم الخطة الموضوعة لمعالجة 75% من هذه المناطق قبل عام 2017، فالقضية تلزمها رؤية سياسية وتمويل غير متوافر في الوقت الحالي!.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن