د. مجدي قرقر
استمرار أنفاق غزة ضرورة للأمن القومي المصري طالما استمر الحصار
الصهيوني الغادر وطالما ظلت المعابر مغلقة
اتهام كوادر حماس بقتل الجنود المصريين يتعارض مع مبادئها وثوابتها
قضية قتل الجنود المصريين في رفح أمام النائب العام والقضاء فليتوقف
الجميع عن توظيفها لأغراض حزبية ضيقة
قضية فلسطين هي قضية العروبة والإسلام بمفهومه الحضاري الواسع لا بمفهومه
الديني الضيق، وبالنسبة لمصر فهي إضافة لذلك قضية أمن قومي. وإذا كان من الصعوبة
أن تميز بين أهل الضفة وأهل الأردن فمن الأصعب أن تميز بين أهلنا في غزة وأهلنا في
مصر فهم فلسطينيو الموطن مصريو الهوى، تربطنا بهم علاقات دم ونسب، وكثيرا ما أساء إليهم
النظام البائد ولكنهم كانوا يبلعون لنا الزلط عملا بالمثل المصري "حبيبك يبلع
لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط" وهي نفس العلاقة - بالمناسبة - مع أهلنا في
السودان.
*****
اتهامات متهافتة ومتناقضة
وإزاء هذه العلاقة المميزة - وربما المتفردة - لم ينفك الطابور الخامس عن دق
أسافين الفتنة بين الشعبين المصري والفلسطيني منذ اتفاقية كامب ديفيد وحتى الآن،
خدمة لأسيادهم في الحلف الصهيوني الأمريكي، وتصاعدت حمى هذه المؤامرة مع ثورة 25
يناير المباركة فسارع مدير المخابرات الأسبق ونائب الرئيس المخلوع - الكنز
الاستراتيجي الثاني للصهاينة - باتهام حركة حماس باتهامات متناقضة فتارة تتهم
بتحريك جماهير الثورة وتارة تتهم بفتح السجون وتهريب من بداخلها وتارة بقتل الثوار
في موقعة الجمل.
1) نسبت وسائل
إعلام مصرية الأحد 3 يونيو 2012، للواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق
ونائب الرئيس المصري السابق اتهامه لحركة حماس بالتورط في اضطرابات ثورة 25 يناير. وهو ما سبقه
إليه الكثير من إعلام الفلول. وأكد سليمان أمام النيابة أن جهاز المخابرات رصد
معلومات يوم 27 يناير 2011 بوجود اتصالات بين عناصر من الاخوان المسلمين وعناصر من
حركة حماس أكدت فيها ان الجماعة ستشارك في مظاهرات يوم 28 التي سميت بجمعة الغضب
2)
ونقلت وسائل الإعلام عن سليمان شهادته
خلال جلسة محاكمة مبارك بتاريخ 13 سبتمبر 2011، قائلا إن حماس تورطت في أعمال
اضطرابات لإخراج عناصرها الذين كانوا معتقلين من السجون.
3) وإضافة إلى
اتهام عمر سليمان لحركة حماس بالتورط في موقعة الجمل فإن مرتضى منصور المتهم
العاشر في موقعة الجمل قال في مرافعته عن نفسه "إن قناصة حركة حماس هم الذين
أطلقوا النار على المتظاهرين يومي 2 و 3 فبراير 2011
4) ثم تأتي
مؤخرا الاتهامات والمهاترات الرخيصة على صفحات مجلة الأهرام العربي والتي اتهمت
أعضاء من حركة حماس بقتل الجنود المصريين في رفح في رمضان الماضي.
5) اتهام القطاع
بأنه يسهم من خلال تهريب البضائع المصرية إليه في الأزمة الاقتصادية التي تجتاح
مصر - في حين أن قطاع غزة لا يتجاوز تعداده تعداد حي من أحياء القاهرة، فكيف يتسبب
في الأزمة الاقتصادية التي تجتاح مصر؟
6) دخول سبعة
آلاف مقاتل من حماس عبر الأنفاق لقمع تظاهرات المعارضة المصرية
بعد تصاعد الخلاف بين الدكتور مرسي رئيس الجمهورية - المنتمي لجماعة
الإخوان المسلمين والمعارضة !!!!!
7) اتهم القطاع
والفلسطينيون بحادثة الاعتداء على المستشار أحمد الزند لمجرد الاشتباه في أحد من
تم توقيفهم مصري فلسطيني الجنسية ولم يزر فلسطين مطلقا ومن مؤيدي المرشح الرئاسي
حمدين صباحي الذي لا يوجد خلاف بينه وبين الزند.
اتهامات تتشابه في تهافتها مع اتهامات
أحد رموز إعلام "عصر مبارك" في بداية كلمته من فوق المنصة أمام النصب
التذكاري في جمعة «لا لأخونة الجيش»، متهما مجلس شورى الإخوان بالوقوف وراء مقتل
شهداء رفح، ومطالبًا وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بالإعلان عن أسماء قتلة شهداء
رفح، وعدم التستر عليها وواصفا تهاني الجبالي بأنها بألف رجل. حيرونا معهم
!!! حماس أم مكتب الإرشاد؟!
إن هذه الاتهامات متهافتة ومتناقضة،
وكما أشار الدكتور موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس - نقلا عن
المصري اليوم - " إن هذه الاتهامات تتعارض مع مبادئ وثوابت حماس والتي لا
يمكن أن تحيد عنها وعلي رأس تلك المبادئ عدم نقل معركتها ومقاومتها خارج الأراضي
الفلسطينية، متسائلا: إذا كان لا يمكن استهداف العدو خارج فلسطين فكيف لنا أن
نستهدف أشقاءنا في مصر على حدودها؟"
وأوضح "أن أسماء قيادات القسام التي تم
تداولها على أنها من قامت بجريمة رفح لم يصدر ضدها أي أحكام، كما روجت وسائل
الإعلام، كما أن أيمن نوفل القيادي بكتائب عز الدين القسام والذي خرج من السجن وقت
الثورة، صدرت له 3 أحكام بالبراءة ولم يتم الإفراج عنه وقت النظام السابق" ، مضيفا: "حكومة حماس في غزة قامت بالتنسيق مع الأجهزة
الأمنية المصرية لمحاولة الكشف عن ملابسات الجريمة والمتورطين فيها، فكيف يمكن أن
تكون حماس متهمة وتحقق في الجريمة وتقوم بالتنسيق مع المسئولين المصريين"
ولقد نفي المتحدث الرسمي لكتائب الشهيد عز الدين القسام "أبو عبيدة"
ما نشرته مجلة الأهرام العربي وأكد أن الحركة ستقاضي بالطرق القانونية رئيس تحرير
صحيفة الأهرام لما نشره من أكاذيب وادعاءات باطلة بحق حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
وجناحها العسكري.
لقد
أكد الدكتور موسى أبو مرزوق، في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية بعد أيام
قليلة من الحادث، عن ملابسات الهجوم الذي تعرضت له قوات حرس حدود مصرية قرب رفح
قائلا: لم يخرج أو يدخل أي إرهابي من قطاع غزة، ولا يوجد فرد واحد من القطاع
شارك في عملية رفح
.وأوضح أن من قام بالعملية الإرهابية مجموعة
مخترقة لصالح إسرائيل، لأنه لا يعقل لأي مجموعة تسمي نفسها جهادية أو سلفية مهما
بلغت بها الجرأة أن تقتل هذا العدد من المسلمين الصائمين وبهذا الشكل مهما كانت
الدوافع، إلا إذا كان هذا الاختراق إسرائيليا. وتابع أبو مرزوق، قائلا: إن موقف
حركة حماس لم يتغير منذ الربيع العربي بالانحياز لرغبة الشعوب.
ولقد
أوضح صلاح البردويل - أحد قيادات حماس - أن الحركة تتبعت مصدر الإشاعات ووضعت يدها
على وثائق صادرة عن أجهزة أمن "رام الله" وبأسماء ضباط محددين.
إننا
نطالب الإعلام بالهدوء وعدم المزايدة في هذه القضية وتوظيفها لأغراض حزبية ضيقة
طالما أصبحت أمام النائب العام والقضاء.
لقد كان العمل الإجرامي بقتل
الجنودً المصريينً في رمضان في رفح المصرية على حدود فلسطين المحتلة بداية لحملة
إعلامية مغرضة ومنظمة ضدّ الأنفاق وضدّ قطاع غزة، فأين تصب هذه الحملة؟
ومن المستفيد الحقيقي من حادث رفح الإجرامي؟ لقد أكد الدكتور موسي أبو مرزوق نائب رئيس
المكتب السياسي لحركة حماس ما ذهبنا إليه وقتها في
جريدة الشعب أن الصهاينة شريك رئيسي فيما حدث لأنه يستهدف الأنفاق وتوتر العلاقات
مع قطاع غزة لصالح الصهاينة.
*****
هدم الأنفاق ضار بالأمن
القومي المصري
يأتي اتهام مجلة الأهرام العربي لحركة حماس بالتورط في قتل الضباط والجنود
المصريين بعد أسابيع من حكم محكمة القضاء الإداري بضرورة اتخاذ الرئيس المصري محمد مرسي وحكومته
الإجراءات والخطوات اللازمة لغلق وهدم جميع الأنفاق غير الشرعية بين قطاع غزة ومصر.
والأسوأ والأخطر من هذا
الحكم القضائي - كما يشير دكتور منير شفيق في مقال له بالقدس العربي بتاريخ
27/2/2013 - هو ما تضمنته لائحة الادّعاء التي نضحت بروح تحريضية
وعدائية ضدّ الفلسطينيين
وانسجام مع حملات شنتها أبواق تليفزيونية.
وكما يقول الدكتور شفيق منير: إن التحريض يستهدف تحريض الشعب المصري ضدّ قطاع غزة
وضدّ الفلسطينيين، مطالبا بألاّ يرتقي الصراع الداخلي الدائر في الشقيقة مصر إلى
مستوى المساس بالأنفاق أو العداء لقطاع غزة أو الفلسطينيين، ومؤكدا على أنه لا يجب
أن يتدخل الفلسطينيون في الصراع الداخلي في مصر.
لقد كانت القضية
الفلسطينية والمواجهة مع الكيان الصهيوني قضية جامعة لكل القوى الوطنية المخلصة ويجب
أن تظل هكذا، ويجب أن تستمر هذه القوى في دعمها للشعب الفلسطيني وقضاياه وطموحاته.
وعلى عكس ما يروج الإعلام
التابع فإن استمرار أنفاق غزة ضرورة للأمن القومي المصري طالما استمر الحصار
الصهيوني الغادر وطالما ظلت المعابر مغلقة، إن غزة محاصرة من الكيان الصهيوني
شمالا وشرقا ومن البحر غربا ومن الحدود المغلقة مع مصر جنوبا، إذا تركنا هذا
المرجل يغلي دون أي ثقوب أو فتحات للتنفيس فهل يلوم أحد المرجل إذا انفجر فيمن
يحيطون به وفي مقدمتهم مصر؟
إن الأنفاق ضرورة حياة لأهلنا المحاصرين في غزة، الأنفاق تمثل شرايين
الحياة التي تربط غزة بالعالم الخارجي، فهل نسد هذه الشرايين لتتوقف الحياة فيها؟
مالكم كيف تحكمون يا أهل الإعلام التابع؟
إن هدم الأنفاق قبل فتح المعابر بشكل طبيعي يضر بالأمن القومي المصري،
لأنه كما يقول أستاذنا الفاضل الدكتور منير شفيق "إن هجوماً صهيونياً
بريّاً على سيناء أصبح غير ممكن عسكرياً مع بقاء قطاع غزة محرّراً مسلحاً مقاتلاً
مقاوماً" . إن
لقطاع غزة المحرّر المسلح المقاتل المقاوم والمستعصي على الاحتلال من قبل جيش
العدو أهميةً فائقة بالنسبة إلى الأمن القومي المصري نفسه، مضيفا إن علينا أن ندرك
أن لنا قاعدتان عسكريتان على خطوط التماس مع العدو الذي اغتصب فلسطين ( غزة - جنوب
لبنان )، وقد امتلكتا قدرة ردع وتستعصيان على احتلالهما. مما أفقد الجيش الصهيوني
قدرته كما كان في السابق، وطوال أكثر من خمسين سنة، على العربدة والعدوان
والاحتلال، أو في الأقل جعلناه يفكر مئة مرّة قبل الإقدام على مغامرة.
إن اتفاقية المعابر
الموقعة عام 2005 ليست ملزمة لمصر لأنها وقعت بين سلطة الاحتلال والسلطة
الفلسطينية ممثلة في محمد دحلان، إنها اتفاقية حصار يجب العصف بها وصياغة اتفاقية
جديدة في اطار القانون الدولي. لقد حاولنا في "الهيئة العربية الدولية لإعمار
غزة" وفي "النقابة العامة لمهندسي مصر" إدخال بعض مواد البناء لغزة
التي حاول الحلف الصهيوني الأمريكي تدميرها ولم تتمكن الهيئتان من إدخال مواد
البناء إلا بعض العينات الرمزية في الشهر الماضي وبعد أربع سنوات من المحاولات في
ظل استمرار الحصار.
*****
وتبقى تساؤلات حول علاقة
حماس بمصر
يثور التساؤل حول علاقة
حماس بالتيار الإسلامي عامة وبجماعة الإخوان المسلمين خاصة، ونود أن نؤكد على أن
القضية الفلسطينية قضية وطنية قومية إسلامية، وهي قضية تسمو وتعلو على أي انتماء
حزبي. صحيح أن حركة حماس تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي
بالتبعية، ولكنه انتماء فكري قبل أن يكون انتماء تنظيمي وبالتالي فحماس مستقلة في
قرارها تعلي من مصلحة شعبها وقرارها من رأسها وليس من مكتب الإرشاد كما يحلو لبعض
المشككين أن يدعوه.
وتساؤل آخر حول تخطيط حماس لتوطين الفلسطينيين في سيناء، ففي رده على سؤال حول ما
يتردد من وجود مشروع لإعطاء جزء من سيناء إلى حماس قال خالد مشعل رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس لبوابة أخبار اليوم يوم الخميس 19 يوليو 2012 "أرجو من
الشعب المصري العزيز وقواه السياسية ومن الرأي العام المصري أن يطمئن أنه لا يمكن
لحماس أو لأي فلسطيني أن يأخذ شبرا واحدا من الأرض المصرية سواء في سيناء أو
غيرها، وأكد أنه لا بديل للفلسطينيين عن أرض فلسطين في أي مكان، كما أكد رفض توطين
الفلسطينيين خارج أراضيهم، مشددا على الإصرار على عودة اللاجئين الفلسطينيين من
الخارج". وأوضح أن ما يتردد في هذا الشأن هو دعاية
صهيونية تسوقها بعض المنابر المعادية لحماس كما أكد أن حماس تحرص على تحقيق الأمن
في سيناء وأنها تتعاون في هذا المجال مع أجهزة الأمن المصرية.
كما
قال موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في حوار مع صحيفة
«الشرق الأوسط» اللندنية، إن «سيناء لن تكون وطنا بديلا للفلسطينيين»، وذلك ردا
على ما تردد عن مخطط لتهجير فلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية المجاورة لها.
*****
0 التعليقات:
إرسال تعليق