تعرضنا
في مقال الأسبوع الماضي إلى الوضع الأمني المتردي وتصاعد أحداث التخريب والتحريق
والقتل والبلطجة في ربوع مصر المختلفة، وردود فعل الشرطة التي تحاول أحيانا
الالتزام بضبط النفس ولكنها أحيانا أخرى لا تتمكن فتتورط في أعمال عنف فيتم إدانتها
بالتالي. وقلنا إن من لا يدرك خطورة تلك الأحداث الدامية يكون كمن يدفن رأسه في
الرمال، ومن هنا يكون الربط في عنوان المقال بين أجزائه المختلفة.
طالبنا
السيد رئيس الجمهورية في مقالنا السابق بإعادة قانون انتخابات مجلس النواب مرة
أخرى للمحكمة الدستورية تحصينا للبرلمان من شبهة عدم الدستورية وحفاظا على هيبة
مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة، ولكن حكم القضاء الإداري في اليوم التالي
للمقال كان أسبق من السيد الرئيس بإحالة القانون للمحكمة الدستورية وتأجيل مواعيد
الانتخابات بالتبعية.
لقد
كان مفترضا أن يكون يوم السبت 9 مارس 2013 موعدا لتدشين تحالف وطني إسلامي بمسمى
"تحالف الأمة" ليكون تحالفا انتخابيا يحتل مكانا وسطا بين الفصيل
الإسلامي الحاكم وقوى المعارضة العلمانية غير الموضوعية، مكانا وسطا بين من يؤيد
ويبرر على طول الخط وبين من يعارض للمعارضة - أيضا على طول الخط، بل ويعطي غطاء من
الشرعية السياسية لأعمال القتل والتحريق والتخريب والبلطجة.
ومن
هنا فقد رأت قيادات أحزاب "تحالف الأمة" أن يكون التحالف تحالفا سياسيا
يضع أولويات الأمن والغذاء والإنتاج والعدل الاجتماعي والاستقلال في مقدمة
الأولويات، وعزز من هذا التوجه تداعي أحداث الانفلات الأمني الأخيرة قبل وبعد صدور
حكم محكمة الجنايات في أحداث مذبحة بورسعيد (فبراير 2012) ، وتحول المؤتمر الصحفي
لإعلان تحالف الأمة إلى مؤتمر سياسي مهموم بالخروج من الأزمة.
الجذور والتداعيات
لسنا
بالقطع بصدد تقييم حكم قضائي صدر، ولكن للقضية جذور أدت إلى تفاقم الأحداث.
هناك
تعارض مصالح بين طرفي القضية "ألتراس الأهلي" و "ألتراس
المصري" وبالطبع فإن حكم المحكمة سيكون في صالح طرف وضد طرف آخر ولا يمكن
للقاضي أن يصدر حكما يرضي الطرفين حتى لو حكم هواه، ولكن الملاحظ أن الطرفين لم
يرضيهما الحكم، ألتراس المصري بل جماهير بورسعيد رفضت الحكم وترى أن الحكم نال من
ابرياء وتحولت بورسعيد إلى ثكنة عسكرية تحرزا مما سيحدث ورفعوا شعارا انفعاليا
"بورسعيد جمهورية مستقلة ذات سيادة عاصمتها النادي المصري" أي أنهم
يريدون التشرنق داخل بورسعيد وداخل استاد المصري في مواجهة الوطن، وألتراس الأهلي
انقسم إلى فريقين: قيادة الالتراس وجزء كبير حولها - والتي أشيع جلوسها مع المهندس
خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وتهدئتها - وباقي الألتراس
الذين رفضوا الحكم وطالبوا بتشديد الأحكام أكثر من ذلك فقاموا بأنفسهم أو اندس
بينهم من قام بأعمال الشغب والتخريب والسرقة والتحريق. لم يكن هناك إلا أن يتنافس
الطرفان للوصول إلى منصة القضاء ويصدر من يصل أولا إلى المنصة الحكم الذي يوافق
هواه!!!!!.
لكن
غضب الطرفين يرجع إلى أن هناك طرف ثالث لم يشمله الحكم أو صدرت ضده أحكام مخففة
وهم القيادات الأمنية، وأضيف هنا أن هناك طرف رابع شارك في الإعداد والتحريض على
هذه المذبحة لم يشمله اتهام النيابة بعد إفساد الأدلة في ظل إدارة.
إن
لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس السابق برئاسة وكيله أشرف ثابت لم تقم بدورها
المنوط بها بتأخر تقريرها وعدم الإدانة السياسية للمجلس العسكري السابق برئاسة
المشير طنطاوي وكذا حكومة الدكتور كمال الجنزوري. كما أن لجنة أشرف ثابت لم تضع
يدها على الفاعلين الحقيقيين والمحرضين على هذه المذبحة.
إن
لجنة تقصي الحقائق التي شكلها رئيس الجمهورية توصلت إلى أدلة جديدة تستوجب إعادة
المحاكمة ولكن القاضي المنوط به القضية اطمئن لما لديه من أدلة ورفض تأجيل الحكم،
كما أن التراس الأهلي رفض التأجيل - وإن لم يكن من حقه وتعجل الحكم - حتى وإن نجا
من الحكم الفاعلون الأصليون، وفي المقابل فإن ألتراس المصري لم يكن ليرضيهم إلا
تبرئة جميع المنتمين إليهم!!!!.
إن
تفاقم الأحداث هو نتيجة منطقية ومتوقعة لتدني أداء الجميع قبل أن يكون نتيجة لحكم
قضائي
*****
مجلس الشعب في اليوم التالي للمذبحة
وليأذن
لي القارئ الكريم في أن أعود لمضبطة الجلسة الطارئة لمجلس الشعب السابق يوم الخميس
الثاني من فبراير 2012 في اليوم التالي لأحداث استاد بورسعيد - الذكرى الأولى
لموقعة الجمل - عقب
مباراة كرة قدم بين المصري والأهلي، والتي راح ضحيتها أكثر من 73 قتيلا إضافة
إلى مئات المصابي. حضر الجلسة رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري ووزير داخليته
اللواء / محمد ابراهيم ومازالت كلماتي في الجلسة مطابقة لاعتقادي حتى اليوم وبعد
مرور أكثر من عام:
"بسم
الله الرحمن الرحيم
السيد
الرئيس، النواب المحترمون، كلمات العزاء لا تكفي، العزاء الحقيقي في قرارات المجلس
التي ستصدر اليوم.
سيادة
الرئيس، لا يمكن أن نناقش أحداث الأمس بعيدا عن السياق الذي تدور فيه، هذه الأحداث
مرتبطة بشكل كبير بالتهديد والترويع الذي بث في الأسابيع الماضية بأن يوم 25 يناير
2012 سيتم فيه إحراق مصر وتخريبها بالتالي - أيضا - لا نفصل هذا عن سرقة البنوك
وقطع الطرق واختطاف البشر. أظن أن كل هذا مرتبط ببعضه البعض. العدو والمجرم
الحقيقي هم أعداء الثورة وفلول النظام السابق، العدو الحقيقي هم من يقيمون بفندق
طرة بعيدا عن تنفيذ أحكام ولوائح السجون، يديرون هذا المخطط المجرم من الداخل،
وتديره زوجة الرئيس المخلوع من الخارج، باتصالاتها الداخلية والعربية والخارجية،
وينفذه على أرض الواقع فلول حبيب العادلي مباحث أمن الدولة، هذه الدولة البوليسية،
مباحث أمن النظام السابق الذين مازالوا يرتعون فسادا في وزارة الداخلية وفي أرض
مصر المحروسة، هؤلاء يجب أن نواجههم.
أيضا
- سيادة الرئيس - عناصر الأمن الوطني والمخابرات والشرطة العسكرية الذين يعرفون من
هو الطرف الثالث؟ من هو المجهول الذي يتحدثون عنه؟ من هو اللهو الخفي المتهم
بالقتل؟ تماما كمن كانوا يتحدثون من قبل عن حرق مصر وينسبونه إلى فأر السبتية أو
الماس الكهربائي.
وبناء
عليه، أود - سيادة الرئيس -
أولا: أن يحضر هنا - إلى مجلسنا
الموقر - مدير جهاز الأمن الوطني ومدير جهاز المخابرات لأن عناصر الاستخبارات
موجودة في مواقع الأحداث ويعرفون من الذي أطلق الرصاص على الثوار، من الذي أطلق
الرصاص من على بعد ثلاثة أمتار على الشهيد عماد عفت، أيضا قائد سلاح الشرطة
العسكرية وقائد المنطقة المركزية المسئولون عن كل الأحداث السابقة، ليعلنوا
الحقائق أو فليقدموا استقالاتهم.
ثانيا: تطبيق لائحة السجون بكل دقة
وحزم على المتهمين من النظام السابق، وحبسهم حبسا انفراديا وفي سجون متعددة.
ثالثا : التحفظ على حرم الرئيس السابق
في سجن النساء بالقناطر.
رابعا : المطالبة بإقالة النائب العام
الذي أفسد قضايا الثورة، خاصة قضية شهيد الشرطة اللواء محمد البطران مدير السجون
السابق، هذه القضية المهمة والتي تمثل مفتاحا لقضايا قتل الثوار."
ترى
بعد مرور ثلاثة عشر شهرا، هل تم اتخاذ أي من الإجراءات السابقة؟ أم بقي الحال على
ما هو عليه باستثناء الولادة المتعثرة لإقالة النائب العام السابق؟
ترى
بعد مرور ثلاثة عشر شهرا، هل تم اتخاذ أي من الإجراءات السابقة أم بقي الحال على
ما هو عليه لتتفاقم الأحداث
أود
أن أضيف، ولن أتحدث هنا عن اللهو الخفي أو الطرف الثالث الذي عاث في الأرض فسادا،
والذي تستر عليه المتسترون وأفسد أدلة إدانته المفسدون وبرأه من يحكم بالأوراق
والأدلة ولا يحكم بالضمير، ولكن سأتحدث عن القصاص الذي غاب في العهد البائد فكانت
ثورة 25 يناير. وهذا ما كان بعد الثورة وطوال عامين، وكأن الحياة قد توقفت، وكأن
مصر لا يوجد بها قضاء ليقيم القصاص، حتى كانت السخرية "مهرجان البراءة
للجميع" ، لم يتم القصاص طوال عامين، وطالما لم يتم القصاص سيستمر الانفلات
الأمني. لقد تفاءلنا خيرا بالنائب العام الجديد وبنيابة الثورة ولكننا سمعنا ضجيجا
ولم نرى طحنا فإلى متى؟؟
*****
هذا
بعض مما كتبته في 15 يونيو 2010 قبل الثورة بسبعة شهور باختصار:
"عن شهيد الإسكندرية خالد سعيد"
إجرام ما بعده إجرام وفجر ما بعده فجر
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع "أيها الناس إن دماءكم وأموالكم
عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون
ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت"
هل
يؤمن الطغاة والجناة بأنهم سيلقون ربهم؟ وإذا آمنوا هل يؤمنون بأنهم سيسألون عن
أعمالهم؟ .. حبيب العادلي عليه أن يقدم أحد البديلين التاليين: إما أن يقدم
المجرمين للعدالة وإما أن يقدم استقالته لرئيس الوزارة، إذا لم يحدث أي من الاحتمالين
فليقم بهما غيرهما، إما أن يتحرك الشعب ومعه المنظمات الحقوقية بتقديم المجرمين
للعدالة، وإما أن يتحرك نواب المعارضة والقوى السياسية للضغط باتجاه إعفاء العادلي،
وإذا لم يحدث هذين الاحتمالين أيضا نكون قد فقدنا الأربعة احتمالات الممكنة وتفسد
الحياة، "ولكم
في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون"
يقول
صاحب الظلال رحمه الله "والحياة التي في القصاص تنبثق من كف الجناة عن
الاعتداء ساعة الابتداء . فالذي يوقن أنه يدفع حياته ثمنا لحياة من يقتل .. جدير به أن
يتروى ويفكر ويتردد. الثأر الذي لم يكن يقف عند حد في القبائل العربية حتى لتدوم
معاركه المتقطعة أربعين عاما كما في حرب البسوس المعروفة عندهم . وكما نرى نحن في
واقع حياتنا اليوم , حيث تسيل الحياة على مذابح الأحقاد العائلية جيلا بعد جيل ,
ولا تكف عن المسيل.
وفي
القصاص حياة على معناها الأشمل الأعم . فالاعتداء على حياة فرد اعتداء على الحياة
كلها , واعتداء على كل إنسان حي , يشترك مع القتيل في سمة الحياة . فإذا كف القصاص
الجاني عن إزهاق حياة واحدة , فقد كفه عن الاعتداء على الحياة كلها .
إذا
لم تحث أي من الاحتمالات الأربعة ويتم القصاص تفسد الحياة "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب
لعلكم تتقون"
وإذا
كان قتل جنود حبيب العادلي لخالد سعيد صبحي "إجرام ما بعده إجرام" فإن
بيان وزارة الداخلية "فجر ما بعده فجر"
هكذا
الأمن "فل الفل" ونحن الشعب "اللي وحشين" وخونة ومتآمرين على
هذا الجهاز الوطني الذي يعيث في الأرض فسادا وتقتيلا في مواطنيه – منتهى الوطنية.
ورغم تأكيدات المصدر الأمني المسئول بأن الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وانسداد
القصبة الهوائية باللفافة التي حاول ابتلاعها فإن هذا أحد عجائب مصرنا العجيبة
فهذه أول مرة نعرف أن اسفكسيا الخنق تسبب تكسير الأسنان وتحدث تشوهات بالوجه وهناك
ملايين ماتوا خنقا ولكن أيا منهم لم تنكسر أسنانه ولم يشوه وجهه. ولأن مصادر
الداخلية لا تترك شاردة أو واردة دون تفنيد سارعت بالرد أن تكسير الأسنان وتشويه
الوجه والكدمات التي تعلوه هو نتيجة لسقوط جثة «خالد» من فوق ترولي الإسعاف أثناء
نقله إلي المستشفي!!.. هل سمع أحدكم
باستخفاف مثل هذا الاستخفاف؟ لماذا يتعاملون معنا كشعب من الأغبياء؟. مشكلة خالد
سعيد أنه دخل عش الدبابير عندما وصله كليب يصور بعض رجال الشرطة بأحد أقسام
الإسكندرية وهم يقتسمون الأموال التي صادروها أثناء ضبطية مخدرات!!
أعود
فأقول "ولكم
في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون"
وإن
لم يكن القصاص فستفسد الحياة وتهلك مصر مصداقا لقول رسولنا الكريم
"إنما
هلك من كان قبلكم انه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه
الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"
هذا
ما كان قبل الثورة بسبعة شهور ولم يتم القصاص فكانت الثورة، وهذا ما كان بعد
الثورة وطوال عامين، وكأن الحياة قد توقفت، وكأن مصر لا يوجد بها قضاء ليقيم
القصاص، حتى كانت السخرية "مهرجان البراءة للجميع" ، لم يتم القصاص طوال
عامين، وطالما لم يتم القصاص ستستمر العجلة الخبيثة في الدوران، فهل تتحمل مصر
استمرار الانفلات الأمني في ظل غياب القصاص؟
*****
فيس بوك
السيد رئيس الجمهورية: تغيير الحكومة
اليوم وليس غدا
رغم
أننا كنا مع تأجيل تغيير الحكومة لما بعد انتخابات مجلس النواب نظرا لضيق الوقت،
فإن موقفنا قد تغير نظرا لتأجيل الانتخابات البرلمانية استجابة لحكم محكمة القضاء
الإداري، ونظرا لانفلات الأوضاع الأمنية طوال الأسبوع الماضي وما صاحبها من
احتجاجات واعتصامات لضباط الشرطة، فإن المخرج الوحيد الآن والذي أصبح ملحا هو
تغيير حكومة هشام قنديل الضعيفة والتي كان من الممكن احتمالها في حالة إجراء
الانتخابات في موعدها، تغيير الحكومة أصبح ضرورة ملحة، ليس استجابة لجبهة الانقاذ
ولا مبادرة حزب النور بحجة التخوف من تزوير الانتخابات لأن القضاء هو المسئول عن
الانتخابات، ولكن لمواجهة الانفلات الأمني ومن أجل حقن الدماء.
دكتور
مرسي أحسن الاختيار هذه المرة - كفاك تحمل لأخطاء الآخرين، دكتور مرسي هل يصدر
القرار هذه الليلة كما عودتنا في قرارات الخميس المسائية
دكتور
مرسي: علينا أن نقولها وعليك أن تسمعها، فإن لم نقولها أخطأنا وإن لم تسمعنا أخطأت،
نبرأ ذمتنا أمام الله في سبيله ومن أجل الشعب والوطن
11 مارس 2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق