حزب
العمل وإرهاصات الثورة (1)
دكتور
مجدي قرقر
تحتفل مصر يوم الجمعة القادم
بالذكرى الثانية لثورة شعبها المجيدة، ثورة 25 يناير 2011، ولقد ترددت كثيرا في
كتابة هذا المقال لسببين, أولهما أنني أنأى بنفسي وبحزبي عن الدخول في جدل حول ثورة
25 يناير وفي نسبتها لأنها ملك لكل شعب مصر بذر بذرتها الشيوخ وزرعها الأبناء
ورعاها الشعب وشارك الجميع في الحصاد والاحتفال. لقد كان الشباب شرارة الثورة،
فاستشهد منهم من استشهد، وجرح من جرح. في يوم 25 يناير. بدأ الشباب تظاهراتهم
بالمئات وإذا بهم ينتهون في ميدان التحرير بعشرات ثم مئات الآلاف والملايين.
والسبب الثاني في ترددي أن مصر لم تعد بحاجة إلى الكتابة بقدر حاجتها
إلى العمل، حاجتها إلى العمل أكثر من حاجتها إلى القلم, فما بالنا إذا كانت
الكتابة عن أحداث شاهدناها أو شاركنا في صناعتها والكتابة عنها قد تحتمل شبهة
الذاتية أو الحزبية أو عدم الموضوعية كما أنه من الأفضل أن ننتظر حتى تؤتي الثورة
ثمارها كاملة غير منقوصة, ولكن ما العمل إذا كان بعض الكتاب قد كتبوا وأسقطوا
وقائع مهمة تجعل تاريخ الحركة الوطنية مبتورا بدونها؟ ما العمل إذا كان بعض الشباب
قد ظن أنه صانع الثورة ومفجرها وصاحب الحق الوحيد في حصاد ثمارها بعد أن أسقط عقود
طويلة من النضال؟ . إن دور من شهد الأحداث أن يرويها بأمانة ودون نقصان ثم يتركها
للمؤرخين لروايتها وتحليلها ولكن ما كتب طوال الفترة الماضية لم يراعي كل هذه
الاعتبارات.
إن هذه الثورة لم تهبط بالبراشوت ولكنها امتداد لنضال سنوات طويلة
تزيد على الثلاثة عقود، توجت بنضال شامل ومتواصل في السنوات السبع الأخيرة بعد
سقوط مبارك أثناء إلقاء خطاب العرش أمام مجلسي الشعب والشورى في نوفمبر 2003
حرر المجاهد مجدي أحمد حسين عام 2002 وثيقة تطالب برحيل مبارك، وكان
هو والمغفور له بإذنه الأستاذ الدكتور صلاح صادق - محامي الشعب والفقراء - أول
الموقعين عليها، ثم بدأ حزب العمل في تشكيل "الجبهة الوطنية للتغيير" مع
بدايات 2004 والتي اتخذت من مكتب الدكتور صلاح صادق - رحمه الله - مقرا لها، ثم جمد
الحزب الجبهة التي أسسها ليشارك كل القوى الوطنية في تأسيس الحركة المصرية من أجل
التغيير (كفاية) ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005 وانتفاضة إبريل
2008 وفي القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى ثم الحركات الاحتجاجية التي
اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها في ثورة 25 يناير 2011 .
إن إرهاصات هذه الثورة بدأتها جريدة الشعب التي نشرف بالكتابة بها
مجددا بعد عودتها في ثياب الثورة والتي أغلقها الرئيس البائد طوال السنوات الإحدى
عشرة السابقة لثورة 25 يناير المباركة.
جريدة الشعب خاضت معاركها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعي
وتضييع الهوية بكتيبتها المجاهدة التي تقدمها الأستاذ عادل حسين - رحمه الله -
وكان رأس الحربة رئيس تحريرها - قبل إغلاقها - الأستاذ مجدي أحمد حسين والذي قدم
من حياته سنوات وسنوات قضاها في سجون مبارك.
ونستدل هنا ببيانات حزب العمل وكتابات قياداته وكتاب جريدته " الشعب " قبل وبعد تجميد نشاطه وإغلاق جريدته بقرارات إدارية باطلة من نظام مبارك منذ مايو 2000 – سأستدل بها لأنها تحت يدي ولا يعني هذا إنكار دور القوى السياسية الأخرى عظم دورها أم صغر خاصة وأنهم أقدر مني على تأريخ دورهم الذي مهد للثورة.
1 – في
مارس 1981 كتب الأستاذ الدكتور محمد حلمي مراد أمين عام حزب العمل مقاله المشتهر
" الوضع الدستوري لحرم السيد رئيس الجمهورية " والذي قال المراقبون
بشأنه " إن هذا المقال كان من أهم أسباب دفع اسم الدكتور حلمي مراد إلى مقدمة
قائمة المعتقلين عام 1981" فكان أول مقال ضد التوريث.
2 - في يناير
1983 أصدر الأستاذ الدكتور محمد حلمي مراد أمين عام حزب العمل كتابـه "
التغيير أو الضياع" ولنلاحظ هنا استخدام مصطلح التغيير وليس الإصلاح بما يعني
أن نظام مبارك يستوجب الإزالة والتغيير ولا يصلح معه تنكيس أو إصلاح.
3 – في ديسمبر
1989 كتب الأستاذ عادل حسين رئيس تحرير جريدة الشعب مقاله المشتهر "التغيير
أو شاوسيسكو" عقب محاكمة الرئيس الروماني نيقولاي شاوسيسكو وزوجته إيلينا، وإعدامهما
في نفس اليوم 25 ديسمبر 1989،
ومصادرة أملاكهما.
4 – في
سبتمبر 1993 صدر كتاب " لماذا نقول لا في استفتاء الرئاسة القادم "
للأستاذ الدكتور محمد حلمي مراد نائب رئيس حزب العمل والأستاذ عادل حسين أمين عام
حزب العمل وهو تجميع لمقالاتهما بجريدة الشعب في الفترة من مايو وحتى سبتمبر 1993 وقد
صدرا الكتاب ببيان اللجنة العليا للحزب في 16 يوليو 1993 برفض اختيار محمد حسني
مبارك لفترة رئاسة ثالثة وبطلان ترشيح مجلس الشعب القائم وقتها له حيث حكمت محكمة
النقض وقتها بعدم صحة انتخاب أكثر من سبعين من أعضائه، وكان جزاء الدكتور حلمي
مراد والأستاذ عادل حسين الحجز في قسم مصر الجديدة ومعهما الصحفيين علي القماش
وصلاح بديوي ولم يمنع الزبانية عمرهما الكبير أو مكانتهما العالية وتركاهما ينامان
على البورش ليلتين أو أكثر.
ومن بين
عناوين المقالات التي تضمنها الكتاب " ترشيح مبارك للرئاسة معيب وينبغي
تصحيحه – حقائق التبعية السياسية والاقتصادية التي ينفيها مبارك – زاد الفساد
والفقر في عهدك يا مبارك وهذا وقت الرفض والمقاومة – نحن مثل آخر أيام السادات,
الكل ضد الرئيس – ليكن سبتمبر شهر التحرك العام لفرض إرادة الأمة عبر استفتاء
حر"
ورغم أن حزب العمل عانى من جريمة التجميد غير المشروع منذ مايو 2000،
وإيقاف صحيفته المطبوعة "الشعب" التي كانت - إلى حد كبير - لسان حال
الشعب المصري، ورغم ما تعرض له العشرات من أنصاره وشبابه وأعضائه من مطاردات واعتقالات
ومحاكمات وتحقيقات في قضايا لم تتوقف أبدًا، ورغم كل ذلك رأى الحزب أن يواصل
مسيرته، وأن ينحاز للحق مهما كلفه ذلك من عنت وويل وثبور.
وكان حزب العمل – كعادته – كتيبة متقدمة للجيش الشعبي، وكان أول من
فتح ثغرة في جدار الخوف من نظام اعتاد أن يستخدم العصا الغليظة لإسكات معارضيه، من
سجون ومعتقلات، وحالة طوارئ مستديمة، وإغلاق للصحف والأحزاب والنقابات، وتزوير
الانتخابات، والاعتداء على استقلال القضاء.
في كتاب الأستاذ مجدي أحمد حسين أمين عام حزب العمل وقتها بعنوان
"لا" - والذي جمعه بناء على طلب مني – والذي صدر مع بدايات 2005 وأعيد
إصداره بعد الثورة وضمنه مقالاته الافتتاحية بجريدة "الشعب" الإلكترونية
في الفترة الواقعة بين 22/2/2002 & 25 /2/2004 – أي خلال عامين وقبل تأسيس
حركة كفاية – ومن بين ما كتبه أخي الأستاذ مجدي أحمد حسين ما يلي:
♦
الوضع
الدستوري لحرم السيد رئيس
الجمهورية ( ضد التوريث ) 22 فبراير 2002
♦
الرسالة
الثانية إلى الرئيس مبارك: ( موقفكم لا يليق بمكانة
مصر.. ولا يلتزم بتعاليم القرآن.. ولا بالدستور المصري - إما الالتزام بالموقف
الشعبي أو الاستقالة.) – ( مطالبة بالاستقالة قبل إنهاء فترة الرئاسة الخامسة) 12
فبراير 2002
♦
لا تنسوا
أصل المعركة: استئصال شأفة النفوذ
الصهيوني الأمريكي من على أرض مصر. – 19 إبريل 2002
♦
مبارك
يتحدى الأمة، ويؤكد خيار السلام الاستراتيجي مع الأعداء – 26 إبريل 2002
♦
نشر فكرة
العجز أمام أمريكا شرك بالله، ولا بد من طرد عبيد فورًا من منصبه - ضرب حزب العمل كان لصالح الحلف الصهيوني/ الأمريكي.. ونحن لن
ننحني أمام محاكم التفتيش – 3 مايو 2002
♦ مرة أخرى: الوضع الدستوري لحرم السيد رئيس الجمهورية وماذا عن جمال
مبارك؟ - 19 مايو 2002 – ( ضد التوريث )
♦
الله
أكبر.. العراق يصمد أمام أعتى عدوان - اسمعها
يا مبارك مرة ثالثة.. مرحبًا بالسجن أو الاستشهاد. - إما أن تستمع لكلام الله..
وكلام الشعب،أو ترحل!.- 12 مارس 2003 – ( مطالبة بالرحيل وليس رفض التمديد )
♦
للمرة
الرابعة أدعو الرئيس مبارك إلى
تقديم استقالته - ( مطالبة بالرحيل وليس التمديد ) – 24 مارس 2003 - ( مطالبة بالاستقالة
وليس رفض التمديد )
♦
انتهت
مهلة الـ 48 ساعة ولم يتخذ مبارك قرارًا واحدًا ضد أمريكا.. فلنشدد المطالبة
باستقالته الفورية - 27 مارس 2003 - ( مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد )
♦
مبارك
يقدم تسهيلات عسكرية وإدارية للعدوان - اخرجوا
يوم الجمعة للمطالبة باستقالته ولا تخشوا إلا الله. – 2 إبريل 2003 - ( مطالبة
بالاستقالة وليس رفض التمديد )
♦
الآن
نتحرك لإقالة مبارك - أفضل الجهاد كلمة حق عند
سلطان جائر - 9 إبريل 2003 - ( الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة
مبارك )
♦
تنحية
حسني مبارك.- لماذا
هو الشعار المركزي الصحيح للحركة الوطنية والإسلامية؟ - 9 مايو 2003 - (
الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة مبارك وتنحيته )
♦
تنحية مبارك.
لماذا أصبحت ضرورة حياة؟! - فشلت كل محاولات الإصلاح
والترقيع ولا بد من فتح صفحة جديدة - تنزيه الحاكم عن النقد أو العزل.. شرك صريح
بالله سبحانه وتعالى. – 16 مايو 2003 - ( الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة
بالتحرك لإقالة مبارك وتنحيته )
♦
واصلوا
التوقيع على عريضة تطالب
باستقالة مبارك - التوقيعات كانت أحد أسلحة الحركة الوطنية قبل الثورة. - من
أين لجمال مبارك كل هذه الأموال؟! – 25 يوليو 2003 - ( مطالبة باستقالة مبارك وليس
رفض التمديد )
♦
سقوط
مرشح الحكومة لنقيب الصحفيين إنذار شديد اللهجة لأهل الحكم - صحيفة إسرائيلية ترحب بتوريث الحكم لجمال مبارك.- 1 أغسطس 2003 – (مطالبة
بالاستقالة ورفض للتوريث )
♦
ما هي
الشركة العالمية التي يعمل جمال مبارك مستشارًا لها؟ - ألا تكفي كل هذه الحقائق لإقالة مبارك؟ - 8 أغسطس 2003 - (مطالبة بالإقالة ورفض للتوريث )
♦
مبارك
يحاصر المقاومة الفلسطينية والعراقية ويبيع الغاز لإسرائيل - جمال مبارك يتعاون مع الشركات العالمية استعدادًا لرئاسة الحزب
الحاكم. - ملامح الخطة الشعبية لإقالة مبارك. - 29 أغسطس 2003 - (مطالبة بالتحرك لإقالة مبارك ورفض للتوريث
)
♦
بيان من
حزب العمل إلى الأمة - نطالب
بانتهاء حكم مبارك ونرفض توريث الحكم – 6 سبتمبر 2003
كان كل ما سبق قبل أن يسقط مبارك في مجلس الشعب في نوفمبر 2003 وقبل
أن يبدأ تفكير أي من القوى السياسية في إقالته أو تنحيته أو حتى عدم التمديد له.
هذا هو حزب العمل وهذا بعض من تاريخ نضاله - ويبقى الكثير من معاركه
التي خاضها ولم نعرض لها لعل مقال الأسبوع القادم يسمح بذلك
والحمد لله رب العالمين وتهنئة لشعب مصر العظيم بثورته المباركة
19 يناير 2013
1 التعليقات:
صح كلامك يا دكتور مجدى هذه شهادة للتاريخ موقف حزب العمل واضح ضدد فساد نظام مبارك وفى عز قوته ونظامة
إرسال تعليق