4/13/2011

الاتحادات الطلابية.. انتخابات "منزوعة" الأمن

مجدي قرقر : الطلاب قادرون على حماية حقوقهم وبشكلٍ حضاري ديمقراطي

تحقيق: إسلام عادل
إخوان أون لاين [07-04-2011][21:01 مكة المكرمة]
لأول مرة منذ أعوام تشهد الجامعات المصرية انتخابات طلابية بعيدة عن سيطرة "الأمن" وتدخلاته، وكباقي أفرع الحياة التي أزال خلالها المصريون حواجز الخوف من المشاركة توافدت طوابير الطلاب على كلياتهم للتصويت والمشاركة في انتخابات الاتحاد.

وبدأت الانتخابات في جميع الجامعات وسط حالة من الترقب والملاحظة وجاءت الإجراءات الأولية تحمل في طياتها الطمأنة؛ فلأول مرة تخرج القوائم الأولية، والنهائية للمرشحين دون شطب وإقصاء للطلاب خاصةً من ذوي الانتماءات السياسية.

وعلى الرغم من ذلك لم تخل الانتخابات الطلابية في بعض الجامعات من أعمال شغب وبلطجة، مثلما حدث في كلية التجارة بجامعة عين شمس من قِبَل طلاب الاتحاد المنحل بعد افتعال المشاحنات مع الطلاب المستقلين الذين رفضوا ممارسات طلاب الاتحاد القديم من إجبار للطلاب على التصويت على قوائمهم.
(إخوان أون لاين) وضع ما رصده من مشاهدات خلال متابعته التغطيات الخبرية للانتخابات الطلابية أمام الطلاب وأساتذة الجامعات في محاولةٍ لتقييم سيرها، وتوضيح مواقف القوة فيها كتجربة بعيدة عن يد الأمن، وللإجابة عن التساؤلات التي تدور حول إمكانية تكرار التجربة بنجاح بعد أن خرج الطلاب من "قمقم" ملاحقة الأمن، وحرس وزارة الداخلية.



البداية كانت مع الطالب "عثمان محسن" الطالب بكلية الطب بجامعة عين شمس؛ حيث يرى أن من أهم مميزات العملية الانتخابية هذا العام هو الإقبال الشديد من قِبَل الطلاب، سواء أثناء الترشح أو التصويت؛ وهو ما أدَّى إلى وجود الكثير من المرشحين المستقلين داخل العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أهمية دور الأساتذة، والطلاب في الإشراف على العملية الانتخابية.



ويصف الطالب "محمد سيد جمعة" الطالب بكلية الهندسة الانتخابات الطلابية أنها كانت أقرب إلى الامتياز، وأنها تمَّت في أجواء من النزاهة والحرية، ولكن عموم الطلاب لم يعتادوا على الإيجابية وروح المشاركة وهذا ما يفسر قلة نسب الإقبال عما كان متوقَّعًا بعد زوال العوائق الأمنية، مثمنًا الإشراف الطلابي الكامل على الانتخابات، واقتصار دور الأساتذة على التنظيم فقط.



ويشير الطالب "سلمان إمام" الطالب بكلية التجارة بجامعة القاهرة إلى أن الانتخابات كانت جيدة، ولم يكن بها أي تزوير، ولكنَّه في الوقت ذاته انتقد السرعة في إجراء الانتخابات الطلابية نظرًا لعدم تأصل ثقافة الانتخاب لدى الطلاب، وهو ما يفسر عدم اكتمال النصاب القانوني ببعض الكليات في جامعة القاهرة.



عقليات تُحترم

الصورة غير متاحة

د. محمد البلتاجي
وتنوعت آراء الخبراء وأعضاء هيئات التدريس حول الانتخابات الطلابية؛ حيث يقول الدكتور محمد البلتاجي الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر: إنه لا يجوز التشكيك في الطلاب وفي الوعي الطلابي؛ بسبب وجود عددٍ من الطلاب الذين ينتمون إلى الاتحاد المنحل والذين وصلوا إلى مقاعدهم عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، مشيرًا إلى ضرورة التساؤل، لماذا لم يقتنع هؤلاء الطلاب بالبرامج الأخرى للمرشحين، سواء المستقلون أو أصحاب الانتماءات السياسية؟



ويوضح د. البلتاجي أن العملية لم تعد انتماءات لقوى سياسية تساعد في نجاح أصحابها، بل أصبحت برامج ورؤى من قِبَل الطلاب عمن يستطيع تحقيق أحلامهم ليقع عليه الاختيار في أي انتخابات، مشددًا على ضرورة احترام عقلية الطلاب، واحترام اختياراتهم والعمل على تنفيذ تطلعاتهم.



وأكد البلتاجي أنه على الطلاب ذوي الانتماءات السياسية تبليغ رؤيتهم إلى الطلاب، وتوصيلها في نسق ديمقراطي سليم، وفي أجواء يغلفها احترام الآخر.



حماية الحرية

ويفند الدكتور أسامة يحيى "الأستاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس والمشرف العام على الانتخابات بالكلية" ما رصده خلال متابعته لسير الانتخابات قائلاً: "الانتخابات كانت شعبية بالمقام الأول نظرًا لمدى الإقبال غير المعهود من الطلاب سواء على مستوى الترشح أو التصويت، مضيفًا أن الطلاب على المستوى العام كانوا على قدرٍ كبيرٍ من المسئولية المنوطة بهم، مشيرًا إلى أن مصر الآن تمر بـ"مفرزة" تجعل من الطلاب "كيانات" ترفض أي محاولة للانقضاض على العملية الانتخابية أو الحرية الطلابية في أي مكان وفي أي وقت".



ويحذر د. أسامة من محاولة الانقضاض على الثورة، موضحًا أن هذه التجربة التي شهدت إقبالاً حاشدًا من الطلاب قد تكون مؤقتة فقط لحين تجمع فلول وبقايا الحزب الوطني مرة أخرى للانقضاض على الإرادة الطلابية داخل الجامعات، والعودة بالحياة الطلابية لما قبل 25 يناير.



ويشدد على ضرورة التخلص من الإدارات الجامعية الموجودة حاليًّا، مبررًا ذلك بأنها ترعرعت في كنف، وفي ظلِّ النظام السابق، ونفذت سياساته الفاسدة داخل الجامعات، مشيرًا إلى ضرورة الوقوف أمام أي محاولة لرجوع فلول الحزب الوطني مرة أخرى إلى الجامعات، وعودة السيطرة الأمنية مرة أخرى على الحياة الجامعية بشكلٍ عام.



الوجود الأمني

من جانبها، تعتبر د. ولاء السلكاوي الأستاذة بكلية الطب جامعة عين شمس والمشرف العام على لجنة الانتخابات بالكلية أن تجربة الانتخابات هذا العام بالجامعات كانت التجربة الحرة رقم (2) بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ نظرًا لأجواء الحرية، والنزاهة التي سارت بها العملية الانتخابية.



وتضيف أنها تشعر بالفخر لأنها شاركت في إتمام هذه العملية عن طريق الإشراف عليها، وأن الطلاب قد قدموا تجربةً ديمقراطيةً حضاريةً فريدةً تفخر بها الحياة الطلابية بشكلٍ عام، وكل مَن شارك فيها سواء بالترشح أو التصويت، أو الإشراف بشكلٍ خاص.



وتؤكد أن اللجان المشرفة على العملية الانتخابية عملت على تشجيع أكبر عددٍ من الطلاب، حتى يقوموا بالمشاركة في هذا الإنجاز الديمقراطي, فعلى سبيل المثال تم السماح لعدم مسددي المصاريف بالترشح في الانتخابات كما لم يشترط تقديم "كارنيه" الكلية كإثبات الانتماء للكلية، ولكن تم الاكتفاء بالبطاقة الشخصية, وعلى مستوى التصويت تم السماح للطلاب الوافدين من البلدان الأجنبية بالتصويت لتعزيز روح الانتماء للجامعة، وإشعارهم بأنهم جزءٌ من الحياة الطلابية لا يجوز تهميشه.



وتبدي د. ولاء تخوُّفها من عدم استمرار هذا المشهد الحضاري لوقت طويل بعد أن تمَّت القرصنة على الصفحة الخاصة بانتخابات الكلية بالجامعة على الموقع الاجتماعي الشهير (face book) واختراقها، وتكشف د. ولاء عن مفاجأة من العيار الثقيل؛ حيث تؤكد أن الأمن الإداري بكلية الطب طلب الحصول على كشف بأسماء الطلاب الفائزين في الانتخابات، وهو الأمر الذي قابلته اللجنة بالرفض والاستهجان الشديد.



وتشير إلى أن أعضاء الأمن الإداري حاولوا التواجد داخل القاعة أثناء التصويت وأثناء الفرز، وهو ما قابلته اللجنة بالرفض الشديد، وقد تم إخراج أفراد الأمن الإداري خارج القاعة، مشددةً على أن جماهير الطلاب، وأعضاء هيئات التدريس سوف يقفون في وجه أي محاولة للانقضاض على إرادتهم.



عدم التخوين
الصورة غير متاحة

د. مجدي قرقر

ويتفق معها د. مجدي قرقر "الأستاذ بكلية التخطيط العمراني جامعة القاهرة "، موضحًا أن الانتخابات تمَّت بشكل غير مسبوق؛ حيث أُجريت لأول مرة بنزاهة، وحرية كبيرة غير معهودة من قبل, وأثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الطلاب قادرون على حماية حقوقهم وبشكلٍ حضاري ديمقراطي, ودلل على ذلك بأنه لم يرصد أي أحداث بلطجة، أو شغب داخل اللجان، أو العملية الانتخابية بشكلٍ عام.



ويعلق قرقر على نجاح عددٍ من طلاب الاتحاد المنحل بأنه ليس كل الطلاب الذين شاركوا في القوائم الأمنية سيئين على الإطلاق بل منهم أفراد شرفاء أرادوا خدمة مجتمعهم الجامعي، ولكنهم ضلوا الطريق، وأخطئوا في اختياراتهم، وهو ما يفسر إعادة انتخابهم مرةً أخرى، مؤكدًا أنه لا يجوز أبدًا التشكيك في إرادة الطلاب واختياراتهم وأنهم ذوو وعي كامل ولهم قدرة على الاختيار.



ويضيف قرقر أن السبب الأساسي لعدم اكتمال النصاب القانوني ببعض الكليات ليس؛ لعدم اكتمال ثقافة الانتخاب لدى الطلاب، وإنما يرجع السبب إلى الكثافة العددية العالية بهذه الكليات، والتي تزيد من احتمالية عدم الحضور للكثير من الطلاب؛ نظرًا لأن أغلب هذه الكليات من الكليات النظرية، مشيرًا أن الطلاب تحولت اهتماماتهم من الانتخابات إلى الأعمال الوطنية بشكلٍ عام، مدللاً على ذلك بالاعتصامات، والمظاهرات المطالبة برحيل عمداء الكليات ورؤساء الجامعات.



ويؤكد قرقر أن الحديث عن سيطرة فلول الحزب الوطني مرة أخرى على الجامعات هو حديث غير صحيح، مشيرًا إلى أن الحزب الوطني فقد مصداقيته أمام الشعب، وفسر طلب بعض أفراد الأمن الإداري أسماء الطلاب الناجحين في الانتخابات بأنه حدث فردي، ولا يدل على حركة منظمة، مضيفًا أن هذا الشخص ما زال يعيش في عهود الاستبداد، ولم يعش أحداث 25 يناير.



التعددية الطلابية

ويشيد د. حمود الحبيبي الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس بالانتخابات التي عُقدت هذا العام؛ حيث إنها تختلف اختلافًا جذريًّا عن مثيلاتها من الانتخابات السابقة, وأثبتت أن الطلاب يمكنهم تقبُّل، ومسايرة التحول الديمقراطي داخل الجامعات، وبالتالي في كل مصر.



ويؤكد أنه قد تم إجراء الاحتياطيات اللازمة حتى يتجنبوا أي محاولة للالتفاف على نزاهة الانتخابات؛ حيث إنه سمح بإدخال مندوبي المرشحين سواء من الطلاب المستقلين أو طلاب القوائم الائتلافية لمتابعة سير العملية، وكذلك سمح لهم بالدخول أثناء عملية الفرز، كما تم استخدام الصناديق الشفافة من أجل التصويت.



ويشير الحبيبي إلى أنه كان من الضروري إجراء الانتخابات الطلابية في مثل هذا الوقت؛ لاستكمال الحركة الديمقراطية في البلاد، وأنه لا يجوز أن ينتهي العام الدراسي، ولا يوجد اتحاد طلابي للجامعات والكليات، وخاصة أن هذا الاتحاد ينتهي عمله في شهر سبتمبر المقبل، ونحن ما زلنا في شهر أبريل.



ويرى الحبيبي أن الديمقراطية أحيانًا تكون ظالمة بدليل نجاح بعض أعضاء الاتحاد المنحل في بعض الكليات، على الرغم من معرفة عموم الطلاب أنهم كانوا متورطين في أعمال التزوير، وقتل الحياة الطلابية قبل 25 يناير، وأرجع ذلك إلى أن التصويت في بعض الأحيان يكون على مدى إمكانية الفرد، أو الكيان على تجميع الأصوات، وليس على مدى فعالية البرامج المطروحة.



ولكنه عاد ليؤكد أن من أهم مميزات الديمقراطية هي التعددية داخل الهيكل الواحد فلم يتمكن تيار، أو قائمة محددة، أو أسرة معينة أن تستحوذ على مقاعد الاتحاد بل كانت مقسمة بنسب متقاربة جدًّا لا تسمح لأي كيان بالحصول على أغلبية مطلقة
.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن