10/11/2010

لصوص الصحراوي.. "فتش" عن حصانة "الوطني"!


كتبت- شيماء جلال - إخوان أون لاين

[01/09/2010][00:55 مكة المكرمة]

:

قصور وفيلات ومنتجعات بالغة الفخامة تنتشر على جانبي الطريق الصحراوي الممتد من القاهرة إلى الإسكندرية، في واحدة من أبرز مشاهد نهب رجال أعمال الحزب الوطني لأحلام ملايين الشباب الغارق في البطالة والفقر.
كلمة السر التي تمكَّن الكبار من خلالها من نهب هذه الأراضي هي الاستصلاح الزراعي، ولكن الحقيقة التي ظلَّت فصولها تتوالى على الأراضي طوال السنوات الماضية في ظل صمت كامل من المسئولين كانت خلاف هذا تمَّامًا.
ومؤخرًا أفاقت وزارة الزراعة من غفوتها الطويلة، وبدأت تلوِّح بسحب هذه الأراضي من رجال الأعمال بعد أن حوَّلوها إلى منتجعات سياحية، وبعد وقت قصير تقهقرت في قرارها خشية أن ينقموا عليها، وقرَّرت التراجع عن سحب الأراضي في خطوة تحمل الكثير من الألغاز!.
!. واكتفى مسئولو الوزارة بفرض غرامة على المخالفين لن تزيد قيمتها عن 700 جنيه للمتر؛
وذلك بعد أن حوَّلوا الأرض من الاستصلاح الزراعي إلى النشاط العقاري.
الأنباء التي ترددت بشأن قرار التراجع لم تكن مفاجئة أو صادمة، خاصةً في ظل الفساد الذي يضرب أركان حكومة الوطني، والذي سمح لمجموعة من رجال الأعمال بتحقيق ثروات طائلة على حساب أحلام عشرات الشباب.
يُشار إلى أن هيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة‏ أعلنت منذ قرابة الشهرين عن فتح ملف سرقة 6‏ آلاف فدان من أراضي الصحراوي على أيدي عدد من كبار رجال الأعمال والمسئولين، ولكن جاء موقف الوزارة الأخيرة؛ ليؤكد أن لوبي الفساد فوق المحاسبة.
المراقبون بدورهم انتقدوا بشدة الاكتفاء بالغرامة، واصفين الأمر بغير المجدي، ومؤكدين في الوقت نفسه أن الحل الأمثل هو سحب هذه الأراضي الواقعة على طريق القاهرة- الإسكندرية والإسماعيلية الصحراويين.
وأشاروا إلى أن الأمر يُثير علامات استفهام واسعة عن المسئول الفعلي عن اتخاذ القرارات في الوزارة، وعن قدرة الحكومة الفعلية على مواجهة الحيتان الذين حوَّلوا أراضي الصحراوي إلى مستوطنات خاصة بهم.
والجدير بالذكر أن سعد الحسيني عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان في مجلس الشعب تقدَّم في وقت سابق باستجواب إلى الحكومة، طالب فيه بكشف الحقائق والمعلومات التي تمَّ على أساسها تخصيص مساحات كبيرة من أراضي الدولة لحفنة من رجال الأعمال بمقابل مادي زهيد للغاية، وقال: إن المخالفات في هذا الملف الشائك تقدَّر بعدة مليارات من الجنيهات التي ضاعت على خزانة الدولة بسبب فساد بعض المسئولين.
وطالب الجهات المختصة بضرورة إجراء تحقيقات تفصيلية في هذا الملف الشائك ومعاقبة كافة المتورطين فيه.
من جانبه، عبَّر زكريا الجنايني عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين وعضو لجنة الزراعة بمجلس الشعب لـ(إخوان أون لاين)؛ عن استنكاره لما أقدمت عليه الوزارة بشأن التراجع عن قرار سحب الأراضي من رجال الأعمال الذين خالفوا شروط التخصيص.
وأضاف أن تحويل أكثر من 400 ألف فدان من المساحات الصالحة للزراعة بالطريق الصحراوي إلى منتجعات سياحية يعدُّ جريمةً كبرى في حق البلد؛ حيث كان من الممكن في حالة زراعتها أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكثير من المحاصيل التي نقوم باستيرادها من الخارج.
وأكد أن ما حدث كشف النقاب عن أن حكومتنا لا تمَّلك القدرة على محاكمة رجال الأعمال أو ردعهم، خاصة أن الكثيرين منهم أعضاء بالحزب الوطني.
وطالب باتخاذ قرارات رادعة ضد بعض رجال الأعمال الذين يرتعون في أراضي الدولة وكأنها "مال سايب" بين أيديهم، وكان من الأجدر أن يكون شباب مصر هم من يملكون هذه الأراضي.
وبدوره حمَّل الدكتور زيدان عبد العال الخبير الزراعي السابق بـ"الأمم المتحدة" الحكومة المسئولية عن إهدار ثروات مصر من الأراضي الصالحة للزراعة، وطالب بمحاسبة كل المسئولين الذين يثبت تورُّطهم في هذا الأمر الذي يتوقَّع أن يؤدِّي إلى كارثة غذائية يتوقَّع أن تصيب مصر في القريب.
أكد ضرورة استرداد هذه الأراضي وتقديمها إلى الشباب؛ للاستفادة بها في زراعة العديد من المحاصيل التي يتمَّ استيرادها من الخارج بأسعار مرتفعة.
وقال الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة: إن "ما بُني على باطل فهو باطل"، خاصةً أن العقود التي تمَّ إبرامها للحصول على هذه الأراضي تمَّت؛ لاستخدامها في الزراعة، وليس في الاستثمار العقاري، وإنشاء القصور والمنتجعات السياحية، وملاعب الجولف.
وأكد أن البلاغات المقدَّمة في هذا الصدد تقضي ببطلان العقود التي تمَّ توقيعها، وهو ما يترتَّب عليه ضرورة استرداد الدولة لهذه الأراضي من جديد.
وأضاف أن ثمة أمرًا تحمله تلك المسألة بين طياتها قد يصبُّ في مصلحة رجال الأعمال؛ وهو أن هذه الأراضي حينما تمَّ الحصول عليها دون تخصيص أو مزايدة كانت خالية، ولكن الآن تمَّ بناؤها، وأصبحت مكتظةً بالمباني والقصور والخدمات، وتمَّ إنفاق مبالغ باهظة عليها، وهو ما قد لا يقبله أصحاب هذه القصور والمنتجعات.
وحول ما أعلنت عنه الوزارة بشأن فرض غرامة على المخالفين بقيمة لن تزيد عن 700 جنيه عن كل متر؛ أوضح البنا أنه في حالة إذا ما تمَّ تنفيذ هذا القرار فلا بد من تقييم قيمة الأراضي جيدًا، وعلى أساسها يتم تحديد قدر الغرامات.
أما الدكتور مجدي قرقر أستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، شدَّد على أن تضارب قرارات وزارة أمين أباظة ينم عن حالة التخبُّط التي نحياها بفضل حكومات الحزب الوطني، التي أزكمت أنوفنا بالفساد والسطوة والسيطرة على أموال الشعب ومقدَّراته، وبيعها بأبخس الأثمان لمريديها ومعاونيها من رجال الأعمال.
وقال: إن الدولة تسعى الآن لتدبير ميزانية عاجلة لبناء محطة الضبعة النووية، وستقوم جاهدة بكل ما أُوتيت من حيل لتدبيرها، وقد تكون الغرامة أحد المداخل إلى تلك المسألة.
وأكد أن الحكومة بالفعل تحاول كسب رضاء جميع مساعديها أصحاب البزنس؛ ليقفوا معها في حرب الانتخابات القادمة، خاصةً بعد ما شاهدناه في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الماضية.
يحيى حسين منسق حركة "لا لبيع أصول مصر" قال: إننا أصبحنا نعيش في دولة رجال الأعمال، وصارت قراراتهم هي المعيار الأساسي ومصالحهم الشخصية فوق الجميع، وتساءل: ألم يكن أجدر بالحكومة أن تعطي هذه الأراضي للشباب؟!.
توجهنا بعد ذلك إلى وزير الزراعة أمين أباظة للحصول على إجابة شافية لتساؤلاتنا حول أسباب تراجع الوزارة عن قرار سحب الأراضي ممن استولوا عليها؛ ولكنَّه لم يجب على هاتفه، وأرسل لنا رسالةً فحواها "معذرةً سأتصل بكم لاحقًا"، ولكنَّه لم يتصل بنا للرد على تساؤلاتنا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

د. مجدي قرقر © 2008 | تصميم وتطوير حسن